كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 4)
وَبَلغت الراوية المَاء إِلَى دِرْهَمَيْنِ بعد نصف وَربع دِرْهَم فَشَكا النَّاس ذَلِك إِلَى الْأَمِير أرغون العلائي. فَبلغ السُّلْطَان غلاء المَاء بِالْمَدِينَةِ وانكشاف مَا تَحت بيُوت الْبَحْر من المَاء فَركب وَمَعَهُ الْأُمَرَاء وَكثير من أَرْبَاب الهندسة حَتَّى كشف ذَلِك فَوجدَ الْوَقْت فِيهِ قد فَاتَ بِزِيَادَة النّيل وَاقْتضى الرأى أَن ينْقل التُّرَاب والشقف من مطابخ السكر بِمَدِينَة مصر وَيَرْمِي من بر الجيزة إِلَى المقياس حَتَّى يصير جِسْرًا يعْمل عَلَيْهِ وَيدْفَع المَاء إِلَى الْجِهَة الَّتِي أنحسر عَنْهَا. فنقلت الأتربة فِي المراكب والقيت هُنَاكَ إِلَى أَن بَقِي جِسْرًا ظَاهرا وتراجع المَاء قَلِيلا إِلَى بر مصر فَلَمَّا قويت الزِّيَادَة علا المَاء على هَذَا الجسر. وَفِيه لعب السُّلْطَان مَعَ الْأُمَرَاء بالكرة فِي الميدان من القلعة فاصطدم الْأَمِير بيبغا الصلاحي مَعَ آخر سقطا مَعًا عَن فرسيهما إِلَى الأَرْض. وَوَقع فرس بيبغا على صَدره فَانْقَطع نخاعه وَمَات لوقته فأنعم بإقطاعه على قطلوبغا الكركى. وَفِيه قدم الشريف عجلَان بن رميثة من مَكَّة وصحبته الْقود فَمنع من الْأَنْعَام عَلَيْهِ بعادته عِنْد قدومه بقوده وهى أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم. وَكتب إِلَى أَخِيه ثقبة أَلا يُعَارض وَأَن يحضر إِلَى الْقَاهِرَة. وَفِيه كتب إِلَى نَائِب حماة بإيقاع الحوطة على الْأَمْلَاك والأراضي الَّتِي تقدم بيعهَا من الْملك الْمُؤَيد إِسْمَاعِيل وَمن وَلَده فَأَنَّهَا أبيعت بِدُونِ الْقيمَة فَقَامَ أَرْبَابهَا بِقِيمَة الْمثل وَحصل مِنْهُم ثَلَاثمِائَة ألف وَفِيه قدم عَلَاء الدّين بن الْحَرَّانِي نَاظر دمشق وشكا من قطع طقتمر الصلاحي مرتبات النَّاس بِبِلَاد الشَّام. فَلم تسمع شكواه ورسم لَهُ أَلا يصرف لأحد مُرَتبا وَلَا حِوَالَة يُحَال بهَا على مَال الشَّام بل يوفر الْجَمِيع لمهم السّفر للحجاز. ثمَّ عَاد عَلَاء الدّين بن الْحَرَّانِي إِلَى دمشق وَتوجه صحبته تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان بن مراجل بِشَفَاعَتِهِ لَهُ فِي السّفر. وَفِيه قدمت رسل ابْن دلغادر بِكِتَاب يتَضَمَّن أَنه أَخذ قلعة كَانَت بيد الأرمن إحتوى على مَا فِيهَا وَقتل أَهلهَا فأنعم عَلَيْهِ بهَا. وَفِيه أخرج الْأَمِير ايتمش عبد الْغَنِيّ أحد الطلبخاناه على الْبَرِيد منفيا إِلَى الشَّام. وَفِيه ولد السُّلْطَان ولد ذكر من ابْنة الْأَمِير تنكز فدقت البشائر. وَنزل الْأَمِير قطلوبغا الكركي إِلَى الْأُمَرَاء يبشرهم فَلبس من أَرْبَعَة وَعشْرين أَمِيرا مقدما أَرْبَعَة وَعشْرين تَشْرِيفًا أطلس بحوائصها سوى الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْخَيْل والتفاصيل. وأعفى
الصفحة 27
398