كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 4)

وَفِيه خطب السُّلْطَان الْكَامِل شعْبَان ابْنة الْأَمر بكتمر الساقى فامتنعت أمهَا من إجَابَته واحتجت عَلَيْهِ بِأَن أُخْتهَا تَحْتَهُ وَلَا يجمع بَين أُخْتَيْنِ وَأَنه بِتَقْدِير أَن يفارقها فَأَنَّهُ شغف بِاتِّفَاق حظية أَخِيه الصَّالح إِسْمَاعِيل شغفاً زَائِدا. ثمَّ قَالَت أمهَا: وَمَعَ ذَلِك فقد تغير حَال المخطوبة من شدَّة الْحزن فَأن أول من أعرس عَلَيْهَا أنوك بن السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد فَمَاتَ عَنْهَا وهى بكر لم يَمَسهَا فَتَزَوجهَا بعده أَخُوهُ السُّلْطَان الْمَنْصُور أَبُو بكر وَقتل ثمَّ تزَوجهَا بعد الْمَنْصُور أَبُو بكر أَخُوهُ السُّلْطَان الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وَمَات عَنْهَا أَيْضا فَحصل لَهَا حزن شَدِيد من كَونه تغير عَلَيْهَا عدَّة أزوج فِي مُدَّة يسيرَة. فَلم يلْتَفت السُّلْطَان الْكَامِل شعْبَان إِلَى هَذِه الْكَلَام وطلق أُخْتهَا وَأخرج جَمِيع مَا كَانَ لَهَا فِي ليلته ثمَّ عقد عَلَيْهَا وَدخل بهَا. وَفِيه أنعم السُّلْطَان على ابْن طشتمر حمص أَخْضَر بتقدمة ألف وعَلى ابْن أصلم بإمرية طبلخأناه. وَفِي مستهل جُمَادَى الأولى: خلع السُّلْطَان الْكَامِل شعْبَان على الْأُمَرَاء المقدمين والطبلخأناه وأنعم على سِتِّينَ مَمْلُوك بستين قبَاء بطرز زركش وَسِتِّينَ حياصة ذهب وَفرق الْخُيُول على الْأُمَرَاء برسم الميدأن. وَفِيه قدم أَحْمد بن مهنا وَابْن أَخِيه مخلع عَلَيْهِمَا وأعيد أَحْمد إِلَى إمرية الْعَرَب فَقدم حَاجِب سيف بن فضل يخبر بِأَنَّهُ وصل إِلَى غَزَّة بقوده فَكتب بقدومه سَرِيعا فَقدم وَمَعَهُ مائَة فرس مثمنة سوى الهجن وَغَيرهَا. فَخلع عَلَيْهِ وَلم ينعم لَهُ بالإمرية وَلَا أنصف فِي أثمأن خيوله. وَفِيه رسم السُّلْطَان الْكَامِل شعْبَان أَن يتوفر إقطاع النِّيَابَة للخاص. وَفِيه خلع السُّلْطَان على الْأَمِير بيغرا وَاسْتقر حاجباً كَبِيرا ليحكم بَين النَّاس. ورسم لَهُ السُّلْطَان أَن يجلس بَين يَدَيْهِ موقعين لكتابة الْكتب للولاة وهما رضى الدّين بن الموصلى وَابْن عبد الظَّاهِر. وَفِيه قبض على جمال الدّين يُوسُف وَإِلَى الْقَاهِرَة وعَلى أبن أَخِيه ونائبه حمود بسعاية غرلو شاد الدَّوَاوِين. وكشف غرلو رُءُوسهم وَضرب حمودا بالمقارع ضربا مبرحا فوعد بِأَن يحضر لَهُ مَالا قد دَفنه بالجيزة فسيره صُحْبَة أعوأنه ليَأْتِيه بِالْمَالِ فَلَمَّا ركب حمود النّيل وتوسطه والقى بِنَفسِهِ فِيهِ فغرق. فرسم بالإفراج عَن جمال الدّين وَابْن أَخِيه بعناية الْأُمَرَاء بِهِ.

الصفحة 9