كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 4)

988 - عَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
"لَقِينَا المُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ، وأجْلَسَ النبي - صلى الله عليه وسلم - جَيْشاً مِنَ الرُّمَاةِ، وأمَّرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهم الرماة: الغنيمة الغنيمة، تاركين مؤخرة الجيش، ونظر خالد بن الوليد إلى الجبل، فوجده خالياً، فكر بالخيل وتبعه عكرمة فحملوا على من بقي من الرماة فقتلوهم، وقتلوا أميرهم وارتبك المسلمون، وصار يضرب بعضهم بعضاً، ووقعت الهزيمة وثبت رسول الله وبعض أصحابه، وذاع في الناس وشاع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قتل، وأصيب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحجارة حتى أغمي عليه، وخدشت ركبتاه، وكسرت رباعيته اليمنى السفلى، وشجّ وجهه، وجرحت شفته السفلى، وثبت معه أربعة عشر رجلاً من أصحابه، والتفوا حوله، وكان عدد الشهداء من المسلمين سبعين رجلاً وعدد القتلى من المشركين ثلاثة وعشرين رجلاً، والله أعلم.
988 - معنى الحديث: أن البراء بن عازب رضي الله عنه يقصّ علينا بعض ما وقع في غزوة أحد، فيذكر لنا أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام جماعة من الرماة على الجبل المعروف بجبل الرماة، يبلغ عددهم خمسين رامياً تحت إمارة عبد الله بن جبير وكان - صلى الله عليه وسلم - قد أراد من ذلك أن يحمي بهم مؤخرة الجيش كما جاء في رواية أخرى أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: " انضحوا الخيل عنا بالنبل، لا يأتنا من خلفنا " وأمرهم أن لا يتركوا أماكنهم مهما كانت الأحوال والظروف، فلما التقى الجيشان انهزم المشركون حتى أسرع النساء هاربات من أرض المعركة، وقد ارتفعت ثيابهن عن سوقهن من شدة الجري، وظهرت خلاخلهن، فعند ذلك طمع الرماة في الغنيمة، وأسرعوا إلى الغنائم يأخذونها قائلين الغنيمة الغنيمة، وذكَّرهم أميرهم بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم أن لا يبرحوا الجبل، فلم يلتفتوا إليه، وذهبوا لجمع الغنائم فلما وقع ذلك منهم، نظر خالد بن الوليد إلى مؤخرة الجيش،

الصفحة 336