كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 4)

عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ، وقَالَ: لَا تَبْرَحُوا إنْ رَأيتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فلا تَبْرَحُوا، وِإنْ رَأيْتُموهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فلا تُعِينُونَا، فَلمَّا لَقِينَاهُمْ هَرَبُوا حتَّى رَأيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ في الْجَبَلِ، رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ، قد بَدَتْ خلاخِلُهُنَّ، فأخذُوا يَقُولُونَ: الْغَنِيمَةَ الْغَنيمَةَ، فَقالَ عَبْدُ اللهِ: عَهِدَ إِليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا تَبْرَحُوا، فَأبَوْا، فلمَّا أُبوْا صُرِفَ وُجُوهَهُمْ، فَأصِيبَ سَبْعُونَ قَتيلاً، وأشْرَفَ أبو سُفْيَانَ فَقَالَ: أفِي الْقَوْمِ مُحَمَّد؟ فَقالَ: لا تُجيبُوهُ، فَقَالَ: أفِي الْقَوْمِ ابْنُ أبي قُحَافَةَ؟ قَالَ: لا تُجِيبُوهُ، فَقَالَ: أَفِي القَوْمِ ابْنُ الخَطَّاب؟ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاءِ قُتِلُوا، فَلَوْ كَانُوا أحْيَاءً لأجابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللهِ أبقَى اللهُ عَلَيْكَ مَا يُحْزِنُكَ، قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرأى الجبل خالياً، ولم يبق عليه سوى القليل فكر بخيله عليهم، فقتل عبد الله بن جبير ومن معه، وهاجم مؤخرة الجيش فارتبك المسلمون، وصار يضرب بعضهم بعضاً، ووقعت الهزيمة فيهم، فأصيب منهم سبعون قتيلاً، وشاع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قتل (¬1) ووصلت هذه الإشاعة إلى أبي سفيان، فأراد أن يتأكد من ذلك، فنادى بأعلى صوته أفي القوم محمد؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم عمر؟ فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يجيبوه، فلما لم يسمع منهم جواباً قال: إن هؤلاء قتلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يقدر عمر أن يسيطر على نفسه، ويمنعها عن الإِجابة، فقال لأبي سفيان: " كذبت يا عدوَّ الله " أي كذَّب الله ظنك، وخيَّب أملك " وأبقى الله عليك ما يحزنك " وهو بقاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأراد أبو سفيان أن يعبر عن فرحه وسروره واعتزازه بآلهتهم الباطلة، فقال:
¬__________
(¬1) قال ابن عباس: وصاح الشيطان قتل محمد، فلم يشك فيه أنه حق فما زلنا كذلك ما نشك أنه حق حتى طلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الصفحة 337