كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 4)

994 - عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأحْزَابِ: " نَغْزُوهُمْ وَلا يَغْزُونَنَا ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفي هذا تضرع إلى الله تعالى أن يمدهم بالطمأنينة والصبر وثبات الأقدام عند ملاقاة العدو.
"إن الأولى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا"
أي إن هؤلاء المشركين الذين اعتدوا علينا، وتجمعوا لقتالنا ليفتنونا عن ديننا، سيخيب الله آمالهم لأننا جند الله، ونأبى أن نخضع لأي قوة تصرفنا عن دين الله. ولينصرن الله من ينصره.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أمره - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق بعد أن استشار الصحابة، فأشار عليه سلمان الفارسي بحفره، ليكون خطاً دفاعياً ضد العدو، ففيه أنه ينبغي أن نأخذ من غيرنا ما فيه مصلحة لنا ما دام لا يتعارض مع أحكام شريعتنا، سيما فيما يتعلق بالأمور العسكرية والعمرانية والزراعية وغيرها. ثانياًً: مشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه في الأعمال الكبيرة تشجيعاً لهم، وهكذا ينبغي للرؤساء أن يشاركوا في الأعمال التي فيها مصلحة للمسلمين. ثالثاً: أن من السنَّة إنشاد بعض الشعر الحماسي أثناء العمل تشجيعاً للعاملين، وترغيباً لهم كما فعل - صلى الله عليه وسلم -. والمطابقة: في قوله: " وخندق رسول الله - صلى الله عليه وسلم ". الحديث: أخرجه الشيخان.
994 - معنى الحديث: يحدثنا سليمان بْن صرد رضي الله عنه في حديثه هذا عن تبدل حال المسلمين من ضعف إلى قوة بعد غزوة الخندق، فيقول: مستشهداً بكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - " قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب " أي بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين بعد انصرافه من غزوة الخندق بقوله " نغزوهم ولا يغزوننا " أي يصبح لكم من الشوكة العزة والمنعة، وينزل الله الرعب في

الصفحة 352