كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 4)
بأنها الطاهرة المطهرة حيث قال فيها (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ) قال ابن كثير أي ما كان (¬1) الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلاّ وهي طيبة، لأنه أطيب من كل طيّب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له لا شرعاً ولا قدراً. الثالث: أن الله سمي هذه التهمة الباطلة إفكاً حيث قال: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) والإفك أبلغ الكذب (¬2)، وأشنع الافتراء والبهتان الذي لا تشعر به حتى يفجأك. وقد افتخرت عائشة رضي الله عنها بهذه الفضائل التي ميزها الله بها، وأنعم بها عليها، قال البغوى: روي (¬3) أن عائشة كانت تفتخر بأشياء أعطتها لم تعط امرأة مثلها، وهي أن جبريل أتى بصورتها في قطعة من حرير، وقال: هذه زوجتك، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج بكراً غيرها، وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأسه في حجرها، ودُفِن في بيتها وكان ينزل عليه الوحي وهو معها في لحافه، ونزلت براءتها من السماء، وأنها ابنة خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدِّيقه، وخلفت طيبة ووعدت مغفرة ورزقاً كريماً. سابعاً: ما ترجم له البخاري من جواز تعديل النساء للنساء، وتزكية بعضهن لبعض، لأنّه - صلى الله عليه وسلم - سأل بريرة وزينت عن عائشة فزكتاها، وتحدثتا عن صلاحها وكمال دينها، حيث قالت: زينب والله ما علمت عنها إلّا خيراً. وقالت بريرة: إن رأيت منها أمراً أغمضه عليها، أي ما رأيت منها أمر قبيحاً أعيبها عليه من أجله، وفي رواية أن بريرة لما سئلت عن عائشة قالت: سبحان الله، ما علمت عليها إلا كما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر (¬4) وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة حيث قال: بجواز تعديل النساء بعضهن (¬5) بعضاً، وقبول تزكية المرأة للمرأة إذا شهد امرأتان ورجل في
¬__________
(¬1) " مختصر تفسير ابن كثير " للصابوني ج 2.
(¬2) " تفسير أبي السعود " ج 6.
(¬3) " تفسير البغوي " سورة النور.
(¬4) " تفسير البغوي " سورة النور.
(¬5) " شرح العيني " ج 13.