كتاب تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (اسم الجزء: 4)

أشاقتك الظعائن يوم بانوا ... بذي الزي الجميل من الأثاث
وأنشد أبو العباس: [الوافر]
لقد علمت عرينة حيث كانت ... بأنا نحن أكثرهم أثاثا
وقرأ نافع بخلاف وأهل المدينة «وريّا» بياء مشددة، وقرأ ابن عباس فيما روي عنه وطلحة «وريا» بياء مخففة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي «ورءيا» بهمزة بعدها ياء على وزن رعيا، ورويت عن نافع وابن عامر رواها أشهب عن نافع وقرأ أبو بكر عن عاصم «وريئا» بياء ساكنة بعدها همزة وهو على القلب وزنه فلعا وكأنه من راع وقال الشاعر: [الطويل]
وكل خليل راءني فهو قائل ... من أجلك هذا هامة اليوم أو غد
فأما القراءتان المهموزتان فهما من رؤية العين الرئي اسم المرئي والظاهر للعين كالطحن والسقي، قال ابن عباس الرئي المنظر قال الحسن «وريا» معناه صورا وأما المشددة الياء فقيل هي بمعنى المهموزة إلا أن الهمزة خففت لتستوي رؤوس الآي، وذكر منذر بن سعيد عن بعض أهل العلم أنه من «الري» في السقي كأنه أراد أنهم خير منهم بلادا وأطيب أرضا وأكثر نعما إذ جملة النعم إنما هي من الري والمطر، وأما القراءة المخففة الياء فضعيفة الوجه، وقد قيل هي لحن، وقرأ سعيد بن جبير ويزيد البربري وابن عباس أيضا «وزيا» بالزاي وهو بمعنى الملبس وهيئته تقول زييت بمعنى زينت، وأما قوله قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ الآية فقول يحتمل معنيين، أحدهما أن يكون بمعنى الدعاء والابتهال كأنه يقول الأضل منا أو منكم «مد» الله له أي أملى له حتى يؤول ذلك إلى عذابه، والمعنى الآخر أن يكون بمعنى الخبر كأنه يقول من كان ضالا من الأمم فعادة الله فيه أنه «يمد» له ولا يعاجله حتى يفضي ذلك إلى عذابه في الآخرة، فاللام في قوله فَلْيَمْدُدْ على المعنى الأول لام رغبة في صيغة الأمر، وعلى المعنى الثاني لام أمر دخلت في معنى الخبر ليكون أوكد وأقوى وهذا موجود في كلام العرب وفصاحتها.
قوله عز وجل:
حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ ...
حَتَّى في هذه الآية حرف ابتداء دخلت على جملة وفيها معنى الغاية، وإِذا شرط، وجوابها في قوله فَسَيَعْلَمُونَ والرؤية رؤية العين، والْعَذابَ والسَّاعَةَ بدل من ما التي وقعت عليها

الصفحة 29