كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

[الْمَائِدَةِ: 24] قَالَ فَتَمَنَّيْنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ لَوْ قُلْنَا كَمَا قَالَ الْمِقْدَادُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَنَا مَالٌ عَظِيمٌ، قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ «1» .
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لهيعة بنحوه.
وروى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو بن علقمة بن أبي وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ «كَيْفَ تَرَوْنَ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنَا أَنَّهُمْ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ «كَيْفَ تَرَوْنَ؟» فَقَالَ عُمَرُ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ:
«كَيْفَ تَرَوْنَ؟» فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِيَّانَا تريد؟» فو الذي أكرمك وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مَا سَلَكْتُهَا قَطُّ وَلَا لي بها علم، ولئن سرت حَتَّى تَأْتِيَ بَرْكِ الْغِمَادِ مِنْ ذِي يَمَنٍ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ، وَلَا نَكُونُ كَالَّذِينِ قَالُوا لِمُوسَى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ [الْمَائِدَةِ: 24] وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا معكما مقاتلون، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَكُونَ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ وَأَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ غَيْرَهُ فَانْظُرِ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَامْضِ لَهُ، فَصِلْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ، وَاقْطَعْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ، وَعَادِ مَنْ شِئْتَ، وَسَالِمْ مَنْ شِئْتَ، وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى قَوْلِ سَعْدٍ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ «2» الْآيَاتِ.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا شَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَا قَالَ وَذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ أمر الناس أن يتهيئوا لِلْقِتَالِ وَأَمَرَهُمْ بِالشَّوْكَةِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ أَهْلُ الْإِيمَانِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ «3» وَقَالَ مُجَاهِدٌ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ: فِي الْقِتَالِ «4» ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ أَيْ كَرَاهِيَةً لِلِقَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَإِنْكَارًا لِمَسِيرِ قُرَيْشٍ حِينَ ذُكِرُوا لَهُمْ «5» ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ أَيْ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّكَ لَا تَفْعَلُ إِلَّا مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ «6» . قال ابن جرير «7» :
__________
(1) انظر الدر المنثور 3/ 299.
(2) انظر الدر المنثور 3/ 299.
(3) انظر تفسير الطبري 6/ 182.
(4) تفسير الطبري 6/ 181.
(5) تفسير الطبري 6/ 182.
(6) تفسير الطبري 6/ 182.
(7) تفسير الطبري 6/ 182. [.....]

الصفحة 13