كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 4)
حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا هَاشِمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنِي شَهْرٌ سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْثِرُ فِي دُعَائِهِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» قَالَتْ فقلت يا رسول الله أو إنّ الْقُلُوبَ لَتُقَلَّبُ؟ قَالَ «نَعَمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَشَرٍ مِنْ بَنِي آدَمَ إِلَّا أَنَّ قَلْبَهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ فَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا أَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً إِنَّهُ هُوَ الْوَهَّابُ» قَالَتْ فقلت:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تُعَلِّمُنِي دَعْوَةً أَدْعُو بِهَا لِنَفْسِي؟ قَالَ «بَلَى قُولِي اللَّهُمَّ رَبَّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلْبِي وَأَجِرْنِي مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ مَا أَحْيَيْتَنِي» .
حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كَيْفَ شَاءَ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ» «3» انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ عَنِ الْبُخَارِيِّ فَرَوَاهُ مَعَ النَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ حَيْوَةَ بن شريح المصري به.
[سورة الأنفال (8) : آية 25]
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (25)
يُحَذِّرُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ فِتْنَةً أَيِ اخْتِبَارًا وَمِحْنَةً يَعُمُّ بِهَا الْمُسِيءَ وَغَيْرَهُ لَا يَخُصُّ بِهَا أَهْلَ الْمَعَاصِي وَلَا مَنْ بَاشَرَ الذَّنْبَ بَلْ يَعُمُّهُمَا حَيْثُ لَمْ تُدْفَعُ وَتُرْفَعُ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «4» : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: قُلْنَا لِلزُّبَيْرِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا جَاءَ بِكُمْ؟ ضَيَّعْتُمُ الْخَلِيفَةَ الَّذِي قُتِلَ ثُمَّ جِئْتُمْ تَطْلُبُونَ بِدَمِهِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّا قَرَأْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً لَمْ نَكُنْ نَحْسَبُ أَنَّا أَهْلُهَا حَتَّى وَقَعَتْ مِنَّا حَيْثُ وَقَعَتْ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ مُطَرِّفٍ عَنِ الزُّبَيْرِ وَقَالَ: لَا نَعْرِفُ مُطَرِّفًا رَوَى عَنِ الزُّبَيْرِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الزبير نحو هذا.
وقد روى ابْنُ جَرِيرٍ»
: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ، قَالَ الزُّبَيْرُ لَقَدْ خُوِّفْنَا بِهَا يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا
__________
(1) المسند 6/ 301، 302.
(2) المسند 2/ 168، 173.
(3) أخرجه مسلم في القدر حديث 17.
(4) المسند 1/ 165.
(5) تفسير الطبري 6/ 217.
الصفحة 32