كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْفَالِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اذْهَبْ فَخُذْ سلبك» .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ مالك، قال: قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شَفَانِي اللَّهُ الْيَوْمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا السَّيْفَ لَا لَكَ وَلَا لِي، ضعه» قال: فوضعته، ثم رجعت فقلت: عسى أن يعطي هذا السيف من لا يبلي بلائي، قال:
فإذا رَجُلٌ يَدْعُونِي مِنْ وَرَائِي قَالَ: قُلْتُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ شَيْئًا؟ قَالَ: كُنْتَ سَأَلْتَنِي السَّيْفَ وَلَيْسَ هُوَ لِي، وَإِنَّهُ قَدْ وُهِبَ لِي، فَهُوَ لَكَ. قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ «2» .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:
حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ، أَصَبْتُ سَيْفًا يَوْمَ بَدْرٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ نَفِّلْنِيهِ، فَقَالَ «ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ» مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ عَاوَدْتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ» فنزلت هذه الآية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ الآية وَتَمَامُ الْحَدِيثِ، فِي نُزُولِ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً [الْعَنْكَبُوتِ: 8] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [الْمَائِدَةِ: 90] وَآيَةِ الْوَصِيَّةِ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ «3» فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بَكْرٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي سَاعِدَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُسَيْدٍ مَالِكَ بْنَ رَبِيعَةَ يَقُولُ: أَصَبْتُ سَيْفَ ابْنِ عَائِذٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ السَّيْفُ يُدْعَى بِالْمَرْزُبَانِ، فَلَمَّا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يَرُدُّوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ النَّفَلِ، أَقْبَلْتُ بِهِ فَأَلْقَيْتُهُ فِي النَّفَلِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا يُسْأَلُهُ، فَرَآهُ الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ، فَسَأَلَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ «4» ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «5» مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

(سَبَبٌ آخَرُ فِي نُزُولِ الْآيَةِ)
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «6» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عن عبد الرحمن عن
__________
(1) المسند 1/ 178.
(2) أخرجه أبو داود في الجهاد باب 145، والترمذي في تفسير سورة 8، باب 1، والدارمي في الوصايا باب 4.
(3) كتاب فضائل الصحابة حديث 43.
(4) تفسير الطبري 6/ 173.
(5) تفسير الطبري 6/ 173.
(6) المسند 5/ 322.

الصفحة 5