كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 4)
لست من عبادكا ... ميلادنا أقدم من ميلادكا
إني حشوت النار في فؤادكا
وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعا، فوافوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقدمه بأربعة أيام، وعند مغلطاي: وقدم معه أربعة مسلمون.
__________
اللام، كأنه تثنية كفء، من كفأت الإناء أو كف بمعنى كفء، ثم سهلت الهمزة، وألقيت حركتها على الفاء، كما يقال: الخب والخبء انتهى.
"لست من عبادكا" بألف الإطلاق فيه، وفيما بعده "ميلادنا" زمان ولادتنا أيها النوع الإنساني "أقدم من ميلادكا" زمان ولادتك، فكيف تصلح لعبادتنا إياك مع أن وجودك بفعلنا "إني حشوت النار في فؤادكا" جوفك تشبيها له بقلب الحيوان، وإن كان جمادا لا قلب له لكونه مصورا، "وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعا" وكان الطفيل مطاعا في قومه، شريفا شاعرا لبيبا، كما عند ابن إسحاق، "فوافوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقدمه" الطائف "بأربعة أيام".
هكذا ذكر ابن سعد "وعند مغلطاي، وقدم معه أربعة مسلمون"، فهذا تباين زائد إلا أن يقال: أن الباقي أسلموا بعد القدوم، وذكر ابن سعد أنه قدم بدبابة، ومنجنيق، وقال: يا معشر الأزد من يحمل رايتكم، فقال الطفيل: من كان يحملها في الجاهلية، النعمان بن الرازية اللهبي، قال: أصبتم دبابة بمهملة مفتوحة، فموحدة مشددة، فألف، فموحدة، فتاء تأنيث، آلة يدخل فيها الرجال، فيدبون فيها النقب الأسوار الرازية، براء، فألف، فزاي مكسورة، فتحتية، وتأتي قصة دوس في الوفود، والله تعالى أعلم.
[غزوة الطائف] :
ثم غزوة الطائف، وهي بلد كبير، على ثلاث مراحل أو اثنتين من مكة، من جهة المشرق، كثيرة الأعناب والفواكه.
__________
غزوة الطائف:
"ثم غزوة الطائف، وهي" كذا في النسخ بالتأنيث، والذي في الفتح، وهو "بلد كبير على ثلاث مراحل، أو اثنتين من مكة من جهة المشرق،" متعلق بكل من ثلاث، أو اثنتين ولك الجمع بأن الثلاث من عمران مكة والاثنتين من آخر ما ينتهي إليها من توابعها المنسوبة إليها، وكأنه تقريب على كلا القولين، "كثيرة الأعناب" جمع عنب واحدة عنبة، "والفواكة،" وهي ما يتفكه، أي يتنعم بأكله رطبا كان أو يابسا، كتين وعنب وبطيخ وزبيب ورطب ورمان، فهو عطف عام
الصفحة 4
576