كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 4)

وقيل: إن أصلها أن جبريل -عليه السلام- اقتلع الجنة التي كانت لأصحاب الصريم، فسار بها إلى مكة، فطاف بها حول البيت ثم أنزلها حيث الطائف، فسمي الموضع، وكانت أولا بنواحي صنعاء.
__________
على خاص، غير أن الذي في الفتح، وتبعه الشامي كثير الأعناب والنخيل.
قال في القاموس: سمي بذلك؛ لأنه طاف على الماء في الطوفان، أو؛ لأن جبريل طاف بها على البيت، أو؛ لأنها كانت بالشام، فنقلها الله إلى الحجاز بدعوة إبراهيم، أو؛ لأن رجلا من الصدف أصاب دما بحضرموت، ففر إلى وج، وحالف مسعود بن معتب، وكان له مال عظيم، فقال: هل لكم أن أبني لكم طوفا عليكم يكون لكم ردأ من العرب، فقالوا: نعم، فبناه وهو الحائط المطيف به. ا. هـ.
فهذه أربعة أقوال في سبب التسمية، "وقيل" خامس هو: "إن أصلها، أي تسمية البلدة بذلك "أن جبريل عليه السلام اقتلع الجنة التي كانت،" أي البستان الذي كان بصوران على فرسخ من صنعاء، كما في الروض وفي الأنوار أنها دون صنعاء بفرسخين "لأصحاب الصريم" البستان المقطوع ثمره سماه صريما؛ لأنه لما حل به البلاء صار لا ثمر له، والإضافة لأدنى ملابسة لشبه جنتهم به، فجعلوا أصحابه تجوزا، وإلا فهم ليسوا أصحابا له، بل هو مشبه به، كما دل عليه قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ، وَلَا يَسْتَثْنُونَ، فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} , [القلم: 17] قال البيضاوي: البستان الذي صرم ثماره بحيث لم يبق فيه شيء، فعيل بمعنى مفعول، أو كالليل باحتراقها وإسودادها، أو كالنهار بابيضاضها من فرط اليبس سميا بالصريم؛ لأن كلا منهما ينصرف عن صاحبه أو كالرماد. ا. هـ.
وفي النهر قال ابن عباس: كالرماد الأسود والصريم الرماد الأسود بلغة خزيمة. ا. هـ. "فسار بها إلى مكة فطاف بها حول البيت، ثم أنزلها حيث الطائف" أي في المكان الذي فيه هذا البلد، لا يقال: على أنها احترقت وصدر به ابن عطية، واقتصر عليه الجلال كيف نقلها جبريل؛ لأنه يحتمل أنه لما أراد اقتلاعها، وطاف بها، عادت كما كانت أو أعظم، أو أنه لما اقتلعها حرق موضعها، وقد يدل له تسفير الصريم بالرماد الأسود، والعلم عند الله، "فسمي الموضع" الذي هو البلد الكبير، وما تبعه من القرى، وبهذا وافق قول القاموس الطائف بلاد ثقيف في واد أول قراها لقيم وآخرها الوهط، "وكانت أولا" قبل النقل "بنواحي صنعاء" على فراسخ منها بصوران، ومن ثم كان الشجر والماء بالطائف دون ما حولها، وكانت قصة أصحاب الجنة بعد عيسى ابن مريم بيسير، ذكر هذا الخبر كله النقاش وغيره، كما في الأرض، فلا يعترض بأن القاموس لم يذكره، وذكر أبو عبيدة البكري: أن أصل أعنابها أن قيس بن منبه، وهو ثقيف أصاب دما في قومه إياد

الصفحة 5