كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 4)

ورموه بالطائف، وأغلقوه عليهم بعد أن أدخلوا فيه ما يصلحهم لسنة، وتهيئوا للقتال.
وسار صلى الله عليه وسلم فمر في طريقة بقبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف -فيما يقال- فاستخرج منه غصنا من ذهب.
__________
ورموه "بشد الميم، "وأغلقوه عليهم بعد أن أدخلوا فيه ما يصلحهم من القوت لسنة، وتهيئوا للقتال" فأعدوا سككا من حديد، وجمعوا حجارة كبيرة، وأدخلوا معهم عقيلا وغيرهم من العرب، وأمروا سرحهم أن يرتع في موضع يأمنون فيه، وقاموا على حصنهم بالسلاح والرجال فدنا خالد، فدار بالصحن، ونظر إلى نواحيه، ثم وقف في ناحية، فنادى بأعلى صوته، ينزل إلى أحدكم أكلمه، وهو آمن حتى يرجع أو اجعلوا لي مثل ذلك، وأدخل عليكم أعلمكم، فقالوا: لا ينزل إليك رجل منا ولا تصل إلينا يا خالد، إن صاحبكم لم يلق قوما يحسنون قتاله غيرنا.
قال خالد فاسمعوا من قولي: نزل صلى الله عليه وسلم بأهل الحصون والقوة بيثرب وخيبر، وبعث رجلا واحدا إلى فدك، فنزلوا على حكمه، وأنا أحذركم مثل يوم قريظة حصرهم أيامًا، ثم نزلوا على حكمه فقتل مقاتلهم في صعيد واحد، وسبى الذرية، ثم فتح مكة، وأوطا هوازن في جمعها وإنما أنتم في حصن في ناحية من الأرض لو ترككم لقتلكم من حولكم ممن أسلم، قالوا: لا نفارق ديننا فرجع خالد إلى المقدمة، كذا ذكر الواقدي ومن تبعه "وسار صلى الله عليه وسلم فمر في طريقه بقبر أبي رغال،" بكسر الراء وغين معجمة، ولام "وهو أبو ثقيف فيما يقال" في تمريضه شيء، فقد ثبت مرفوعا.
أخرج ابن إسحاق وأبو داود البيهقي عن ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف، فمررنا بقبر فقال: "هذا قبر أبي رغال"، وهو أبو ثقيف، وكان من ثمود كان بهذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه "وآية ذلك أن دف معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه" فابتدره الناس، فاستخرجوا منه الغصن، وأخطأ من قال: أن أبا رغال هذا هو دليل أبرهة حين مر على الطائف إلى مكة، فإن بين مولده صلى الله عليه وسلم وبين هلاك ثمود ألوفا من السنين، وإنما دليل أبرهة شاركه في الاسم، "فاستخرج منه غصنا،" بضم المعجمة، وأحد الأغصان، وهي أطراف الشجر، والمراد به هنا قضيب "من ذهب" كان يتوكأ عليه، وكان نحو نيف وعشرين رطلا فيما قيل، ونسب الاستخراج إليه؛ لأنه الذي نبه عليه، وخيرهم في إخراجه لا أنه أخرجه بنفسه ولا بأمره، ومر في طريقه بحصن ملك النصري قائد هوازن، وكان يليه بكسر اللام، وخفة التحتية على أميال من الطائف، فأمر بهدمه،

الصفحة 7