كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 4)

ونزل قريبا من الحصن وعسكر هناك، فرموا المسلمين بالنبل رميا شديدا، كأنه رجل جراد، حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة وقتل منهم اثنا عشر رجلا منهم: عبد الله بن أبي أمية.
__________
فهدم، ثم سار حتى نزل تحت سدرة قريبا من مال رجل من ثقيف قد تمنع، فأرسل إليه إما أن تخرج، وإما أن يحرق عليك حائطك، فأبى أن يخرج، فأمر بإحراقه ذكره ابن إسحاق.
قال: "و" سار بعد ذلك حتى "نزل قريبا من الحصن"، ولا مثل له في حصون العرب، "وعسكر هناك"، وأشرفت ثقيف، وأقاموا رماتهم، وهم مائة، "فرموا المسلمين بالنبل رميا شديدا، كأنه رجل" بكسر الراء وسكون الجيم "جراد" يعني أن السهام لكثرتها صارت كجماعة الجراد المنتشر، والإضافة بيانية، أي رجل هو الجراد وجرد رجل عن معناه، فأضيف إذ هو الجماعة الكثيرة من الجراد خاصة.
وذكر أهل المغازي أنهم رموا بالنبل والمقاليع من بعده من الحصن، ومن دخل تحته دلوا عليه سكك الحديد محماة بالنار يطير منها الشرر، وقال عمرو بن أمية الثقفي وأسلم بعد ذلك، ولم يكن عند العرب أدهى منه: لا يخرج إلى محمد أحد إذا دعا أحد من أصحابه إلى البراز، ودعوه يقيم ما أقام، فنادى خالد من يبارز مرتين، فلم يجب، ونادى عبد يا ليل لا ينزل إليك أحد، ولكنا نقيم في حصننا، خبأنا فيه ما يصلحنا لسنين، فإن أقمت حتى يذهب ذلك الطعام خرجنا إليك جميعا بأسيافنا حتى نموت من آخرنا، فقاتلهم صلى الله عليه وسلم بالرمي عليهم، وهم يقاتلونه بالرمي من وراء الحصن، ولم يخرج إليه أحد، وكثرت الجراحات "حتى أصيب قوم من المسلمين بجراحة، وقتل منهم اثنا عشر رجلا منهم" كما قال ابن إسحاق، والبخاري وغيرهما "عبد الله بن أبي أمية" المخزومي أخو أم سلمة لأبيها المسلم في الفتح، وهو ابن عمته عاتكة. وحكمة النص عليه بيان ما أراد الله به من الخير بحيث صحب، وصار في زمرة الشهداء بعدما كان منه ما كان من شدة الأذى للمصطفى صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فسبقت له السعادة، وتمت له السيادة، وسعيد بن سعيد بن العاصي الأموي، وعرفطة، بضم المهملة، وسكون الراء، وضم الفاء، وطاء مهملة، ابن حباب بضم المهملة، وخفة الموحدة عند موسى بن عقبة وابن هشام.
وقال ابن إسحاق: ابن جناب بجيم ونون الأزدي، وعبد الله بن عامر بن ربيعة حليف بني مخزوم، والسائب وعبد الله ابنا الحارث بن قيس السهمي، وجليحة بضم الجيم، وفتح اللام، وسكون التحتية، وحاء مهملة ابن عبد الله، ومن الأنصار ثابت بن الجزع، بفتح الجيم، والمعجمة، وبالمهملة، واسمه ثعلبة السلمي والحارث بن سهل، والمنذر بن عبد الله، ورقيم بن ثابت.

الصفحة 8