كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 4)

وقوله عز من قائل: {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} (¬1) على البدل، وكذلك قوله عز وجل: {اثنتي عشرة أسباطاً} (¬2). قال أبو إسحاق: ولو انتصب "سنين" على التمييز؛ لوجب أن يكونوا قد لبثوا تسعمائة سنة.
* * *
قال الشارح: القياس في "ثلاثمائَةٍ"، و"أربعمائة" إلى "تسعمائة" أن تُجمَع "المائة"، فيقال: "ثلاثُ مِئِينَ"، أو"ثلاثُ مئاتِ", لأنّ العدد من "الثلاثة" إلى "العشرة" يضاف إلى الجمع، نحو: "ثلاثة أقْفِزَةٍ، وأربعة دراهم". وقولُه: "وممّا شذّ عن ذلك قولهم: ثلاثمائة" يريد أنَّه شذّ عن القياس، وأمّا من جهة الاستعمال، فكثيرٌ مطّردٌ. قال سيبويه (¬3): شبّهوه بـ"عشرين"، و"أحدَ عشرَ"، يريد أنّهم يبيّنونه بواحد كما بيّنوا "عشرين"، و"أحد عشر" بواحد لِما بينهما من المشابهة والمناسبة، وذلك أنّك إذا قلت: "ثلاثين"، و"أربعين" إلى "التسعين"؛ صرت إلى عَقْدٍ ليس لفظُه من لفظ قبله، فكذلك "ثلاثمائة"، و"سبعمائة" إذا جاوزت "تسعمائة"، صرت إلى عقد يخالف لفظه لفظ ما قبله، وهو قولك: "ألْفٌ"، فلا تقول: "عشر مائة"، فأشبهت "ثلاثمائة" "العشرين"، فبُيّنت بالواحد، وأشبهت "الثلاثَ" في الآحاد، فجُعل بيانها بالإضافة. ويدل على صحةِ هذا أنّهم يقولون: "ثلاثة آلافِ درهمٍ"، فيضيفون "الثلاث" إلى الجمع؛ لأنّهم يقولون: "عشرة آلافٍ"، فلمّا كان "عشرةٌ" على منهاج "ثلاثة"، أجروه مجرى "ثلاثةِ أثواب"؛ لأنّك تقول: "عشرة أثواب". قال سيبويه (¬4): وليس بمستنكر في كلامهم أن يكون اللفظ واحدًا، والمعنى جمعًا. وهذا إنّما يكون عند عدم اللبس. وعليه قوله، أنشده سبيويه [من الوافر]:
كُلُوا في بعضِ بَطْنكم ... إلخ
¬__________
= الإعراب: "إذا": ظرف زمان يتضمّن معنى الشرط خافض شرطه متعلّق بجوابه. "عاش": فعل ماضٍ. "الفتى": فاعل مرفوع. "مئتين": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالياء لأنه مثنّى متعلق بالفعل "عاش". "عامًا": تمييز منصوب. "فقد": الفاء: واقعة في جواب الشرط، و"قد": حرف تحقيق. "ذهب": فعل ماضٍ. "اللذاذة": فاعل مرفوع. "والفتاء": الواو: حرف عطف، و"الفتاء": معطوف على "اللذاذة" مرفوع.
وجملة "إذا عاش ... ": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "عاش ... ": في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة "ذهب": جواب شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "مئتين عامًا" حيث أفرد الاسم المميز "عاما" ونصبه بعد "مئتين"، وكان الوجه حذف نون "مئتين" وخفض ما بعدها، إلَّا أنّها شبّهت للضرورة بالعشرين ونحوها مما تثبت نونه، وينصب ما بعده.
(¬1) الكهف: 25.
(¬2) الأعراف: 160.
(¬3) الكتاب 1/ 209.
(¬4) الكتاب 1/ 209، وفيه: "وليس بمستنكر في كلامهم أن يكون اللفظُ واحدًا والمعنى جميع".

الصفحة 11