كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 4)

الجهات، نحوَ قول بعض العرب: "نهضتُ من عليه"، أي: من فوقه، كقول الشاعر [من الطويل]:
1090 - غَدَت مِن عليه تَنْفُضُ الطَّلَّ بَعْدَما ... رأتْ حاجِبَ الشَّمْسِ استَوَى فتَرَفَّعَا
فأمّا البيت الذي أنشده صاحب الكتاب، وهو [من الطويل]:
غَدَتْ مِن عليه بعدما تَمَّ ظِمْؤُها ... تَصِلُّ وعن قيْضٍ بزِيزاءِ مَجْهَلِ
البيت لمزاحم بن الحارث العُقَيْلِيّ، وقبله:
قطعتُ بشَوْشاءٍ كأنّ قُتُودَهْا ... على خاضبٍ يَعْلُو الأماعِزَ مُجْفِلِ
أذلك أمْ كُدْرِيَّةٌ ظَلَّ فَرْخُها ... لَقى بشَرَوْرَى كالَيتِيم المُعَيَّلِ
فالشَّوْشاءُ: الخفيفة، والخاضب: ذَكَر النَّعام، والأمعز: أرضٌ غليظةٌ، ومُجْفِل: سريعُ الذهاب، وقوله: "أذلك" إشارة إلى الظليم، أي: أذلك الظليمَ تُشْبِه ناقتي في خفّتها وسرعتها؛ أم كدريّةً، يعني قطاةً هذه صفتُها. وشَرَوْرَى: جبلٌ معروفٌ، والمُعيَّل: المُهمَل، والظِّمْء: ما بين الشرْبَتَيْن، وتَصِلُّ: تُصوِّت، وإنّما يصوّت حَشاها من بَين العطش، فنقل الفعل إليها، لأنها إذا صوّت حشاها، فقد صَوَّتَتْ، وإنما يُقال لصوتِ جناحها: "الحَفِيفُ".
ويروى: خِمْسُها، وهو الذي يرد الماءَ في خامس يوم، سُمّي بيوم الوُرود.
¬__________
1090 - التخريج: البيت ليزيد بن الطثرية في ديوانه ص 87؛ ولسان العرب 15/ 89 (علا)؛ ونوادر أبي زيد ص 163؛ وبلا نسبة في الأزهية ص 194؛ وأسرار العربية ص 256.
اللغة: غدت من عليه: غادوته. الطل: الندى.
المعنى: يريد أن هذه الظبية غادرت وليدها صباحًا وقد أخذت الشمس في الارتفاع في السماء قليلًا قليلًا، يريد أن الوقت صباح، والندى تبخره حرارة الشمس بعد.
الإعراب: "غدَت": فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، والفاعل مستتر جوازًا تقديره: هى. "من عليه": جار ومجرور متعلقان بـ "غدت"، والهاء: مضاف إليه، "تنفض": فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر جوازًا تقديره: "هي". "الطلَّ": مفعول به. "يغد": مفعول فيه ظرف زمان منصوب متعلق بـ "غدتْ". "ما": مصدرية. "رأت": فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، والفاعل مستتر تقديره: "هي"، والمصدر المؤول من "ما" والفعل (رأت) في محل جر بالإضافة، والتقدير: بَعْدَ رؤيتها. "حاجب": مفعول به منصوب. "الشمس": مضاف إليه مجرور. "استوى": فعل ماضٍ، وفاعله مستتر جوازًا تقديره: "هوؤ. "فترفعا": الفاء: حرف عطف، "ترفَّع": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والألف: للإطلاق، والفاعل مستتر جوازًا تقديره:"هو".
وجملة "غَدَتْ": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تنفض": حالية محلها النصب. وجملة "رأت": صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة "استوى" حالية محلها النصب، وعطف عليها جملة "ترفع".
والشاهد فيه: أن "عليه" جاءت اسمًا مجرورًا بـ "من" بمعنى "فوق".

الصفحة 498