كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 4)

وأكثرُ ما يكون "الفَعَلان" في هذا الضرب ممّا فيه حركة واضطراب، ولا يجيء فعله متعدِّيَ الفاعل إلَّا أن يشُذّ شيء، نحو: "شَنِئتُه شَنَآنا"، ولا نعلمه جاء متعدّيًا إلَّا في هذا الفعل، لا غيرُ، فجميع مصادر الثلاثي اثنان وسبعون مصدرًا، وجميع أبنيتها اثنان وثلائون بناءً على ما ذكر.
والأصل منها فيما كان متعدّيًا "فَعْلٌ" بفتح الفاء وسكون العين، نحو: "ضَرْبٍ"، و"قَتْلٍ"، وعليه مَدارُ الباب، وما عداه ليس بأصل لاختلافه، وطريقُه أن يُحْفَظ حِفظًا، وإنّما قلنا ذلك: لكثرة "فَعْل" في الثلاثي، واطراده فيما كان متعديًا منه، والذي يدل على ذلك أنك إذا أردت المرة الواحدة، فإنّما ترجع إلى "فَعْلَةَ" على أي بناء كان الثلاثي، وذلك قولك: "ذهبت ذَهابًا"، ثم تقول: "ذهبت ذَهْبَةٌ واحدةَ".
والأصل في غير المتعدي "فُعُولٌ"، و"فَعَالٌ"، نحو: "قَعَدَ قُعُودًا"، و"خَرَجَ خُرُوجًا"، و"ثَبَتَ ثَباتًا"، و"نَبَت نَباتًا"، وما عداهما فليس بأصل، بل يحفظ، وذلك لكثرته، وكأنّهم جعلوا الزيادة في المصدر كالعوض من التعدّي؛ فأمّا "دَخَلْته دُخُولاً"، و"وَلَجتُه ولُوجًا"، فهما في الحقيقة غير متعدّيين، والمراد "دخلت فيه"، و"ولجت فيه" فحذف حرف الجر لكثرة الاستعمال، فاعرفه.

فصل [أوزان المصدر من الثلاثي المزيد فيه والرباعي]
قال صاحب الكتاب: ويُجري في أكثر الثلاثي المزيد فيه والرباعي على سنن واحد, وذلك قولك في أفعل: إفعال، وفي "افتعل": "افتعال"، وفي انفعل انفعال، وفي استفعل استفعال، وفي افعَلَّ وافعَالَّ افعلال وافعيلال، وفي افعول افعوال، وفي افعوعل افعيعال، وفي افعنلل افعنلال، وفي تفاعَلَ تفاعُل، وفي افعللَّ افعلال. وقالوا في فعَّل تفعيلٌ وتفعلةُ، وعن ناس من العرب فِعّال. وقالوا كلمته كلاماً، وفي التنزيل: {وكذبوا بآياتنا كذابا} (¬1) , وفي فاعل مفاعلة وفعال، ومن قال كلام قال قيتال. وقال سيبويه (¬2) في فعال كأنهم حذفوا الياء التي جاء بها أولئك في "قيتال" ونحوها, وقد قالوا ماريته مراء وقاتلته قتالا, وفي تفعَّل تفعُّل وتِفِعّال فيمن قال كلام. قالوا تحملته تحمالاً. وقال [من الطويل]:
874 - ثلاثة أحباب فحب علاقة ... وحب تملاق وحب هو القتل
¬__________
(¬1) النبأ: 28.
(¬2) الكتاب 4/ 81.
874 - التخريج: البيت بلا نسبة في لسان العرب 10/ 347 (ملق)؛ ومجالس ثعلب 1/ 29. =

الصفحة 52