كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 4)

ولو أخرت, فقلت: "آكل لطعامك", أو "غير مكفور لعندي", لم يجز؛ لأن اللام لا تتأخر عن الاسم والخبر.
* * *
قال الشارح: قوله: "ولها إذا جامعتها ثلاثة مداخل"، يعني إذا جامعت اللامُ "إنَّ"، أي: اجتمعا في كلام واحد. ومَداخِلُ: جمعُ مَدْخَل، وهو المكان الذي يُدْخَل فيه، وذلك في الخبر والاسم وفضلة الخبر. فمثالُ كونها في الخبر: "إنّ زيدًا لقائمٌ"، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬1) و {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (¬2). وحقُّها الصدر، إلَّا أنهم كرهوا الجمع بين حرفَيْن بمعنى واحد، ففرقوا بينهما بأن خلّفوا اللام إلى الخبر.
والثاني: أن تدخل على الاسم إذا فُصل بينه وبين "إنَّ" بأن يكون الخبر ظرفًا، أو جارًا ومجرورًا، ثمّ يُقدَّم على الاسم، فحينئذ يجوز دخولها على الاسم، وذلك نحو قولك: "إنَّ في الدار لزيدًا". وفي التنزيل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} (¬3)، و {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} (¬4) و {إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا} (¬5)، و {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى} (¬6) و {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} (¬7)؛ لأن الغرض قد حصل وهو الفصل بينهما بتقديم الخبر.
¬__________
= وشرح أبيات سيبويه 1/ 432؛ وشرح شواهد المغني 2/ 953؛ والكتاب 2/ 134؛ ولسان العرب 7/ 24 (خصص)؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 404؛ ورصف المباني ص 121، 234؛ وشرح عمدة الحافظ ص 223.
الإعراب: "إنّ": حرف مشبّه بالفعل. "امرأ": اسم "إنَّ" منصوب بالفتحة. "خصَّني": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل مبني في محلّ نصب مفعول به، والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره "هو". "عمدًا": مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب بالفتحة، أو حال مؤولة بمشتق، بتقدير: "عامدًا"، منصوبة بالفتحة. "مودّته": مفعول به منصوب بالفتحة، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "على التنائي": جار ومجرور متعلّقان بـ "خصَّني". "لعندي": اللام: حرف توكيد، "عند": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة المقدّرة على ما قبل الياء، متعلق بـ "مكفور"، والياء: ضمير متصل مبني في محلّ جر بالإضافة. "غير": خبر "إنّ" مرفوع بالضمّة. "مكفور": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة "إنَّ امرأ ... ": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "خصّني": في محلّ نصب صفة لـ "امرأ".
والشاهد فيه قوله: "لعندي غير مكفور" حيث دخلت اللام على الظرف "عندي"، وهو متعلق بـ "مكفور"، لكنه لمّا تقدّم عليه، حَسُنَ دخول اللام عليه.
(¬1) النحل: 18.
(¬2) الحج: 40، 74.
(¬3) النازعات: 26.
(¬4) سبأ: 9.
(¬5) الأعراف: 113.
(¬6) الليل: 13.
(¬7) ص: 49.

الصفحة 536