كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 4)

الحِسْبان بمعنى العلم، و"أن" المخفّفة من الثقيلة العاملة في الأسماء، و"لا" عوضٌ من الذاهب، والتقديرُ: وحسبوا أنَّهُ لا تكون فتنة. والنصب على الشكّ بإجرائه مجرى الخوف، و"أن" العاملة في الفعل النصبَ.

فصل ["إنّ" بمعني "أجلْ" و"أنّ" بمعني "لعلَّ"]
قال صاحب الكتاب: وتخرج "إن" المكسورة إلى معنى "أجل". قال [من مجزوء الكامل]:
ويقُلنَ: شيبٌ قد علا ... ك وقد كبرت, فقلت: إنه (¬1)
وفي حديث عبد الله بن الزبير: "إن وراكبها" (¬2). وتخرج المفتوحة إلى معنى "لعل", كقولهم: "إيت السُّوق أنك تشتري لحماً", وتبدل قيس وتميمٌ همزتها عيناً, فتقول: "أشهد عن محمداً رسول الله".
* * *
قال الشارح: وقد تستعمل "إنَّ" في الجواب بمعنى "أجَلْ"، فتقول في جوابِ من قال: "أجاءك زيدٌ": "إنَّهْ"، أي: نَعَمْ قد جاءني. والهاء للسكت أُتي بها لبيان الحركة، وليست ضميرًا، إنما تريد: "إنَّ"، إلَّا أنّك ألحقتَها الهاء في الوقف، والمعنى بمعنى "أجَلْ". والذي يدلّ على ذلك أنّها لو كانت للإضمار، لَثبتت في الوصل كما تثبت في الوقف، وأنت إنما تقول: "إنَّ يا فَتى"، كما تقول: "أجَلْ يا فتى"، فأما قوله [من مجزوء الكامل]:
ويقلن شيب (¬3) ... إلخ
وقبله:
بَكَرَ العَواذِلُ في الصَّبُو ... ح يَلُمْنَني وألومُهُنَّهْ
ويروى:
بكرتْ عليّ عَواذلي ... يَلْحِيْنَني وألومُهُنّهْ
فالشعر لابن قيس الرُّقَيّات، والشاهد فيه قوله: "إنَّهْ" بإلحاق الهاء محافَظة على
¬__________
= انظر: البحر المحيط 3/ 533؛ وتفسير القرطبي 6/ 247؛ والكشاف 1/ 355؛ والنشر في القراءات العشر 2/ 255؛ ومعجم القراءات القرآنية 2/ 231.
(¬1) تقدم بالرقم 477.
(¬2) راجع قصة هذا القول في فصل "لا" النافية للجنس في هذا الكتاب.
(¬3) تقدم بالرقم 477.

الصفحة 556