كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 4)

طلبُ مستحيل، إذ كان الواقع بخلافه. ويجوز أن يكون النصب في قوله: "فَأطَّلِعَ"؛ لأنه جواب الأمر، أي: ابْنِ لي فَاطَّلِعَ.

فصل [وقوع "أنَّ" بعد "لعلّ"]
قال صاحب الكتاب: وقد أجاز الأخفش: "لعل أن زيداً" قاسها على "ليت". وقد جاء في الشعر [من الطويل]:
1126 - لعلك يوماً أن تلم ملمةٌ ... عليك من اللائي يدعنك أجدعا
قياساً على "عسى".
* * *
قال الشارح: لا يحسن وقوعُ "أنَّ" المشدّدة بعد "لَعَلَّ" إذ كانت طمعًا وإشفاقًا، وذلك أمرٌ مشكوكٌ في وقوعه، و"أنَّ" المشدّدة للتحقيق واليقين، فلا تقع إلَّا بعد العلم واليقين، نحوَ "علمت أنّ زيدًا قائمٌ"، و"تيقّنتُ أنّ الأمير عادلٌ". وقد أجاز الأخفش ذلك على التشبيه بـ "لَيْتَ" إذ كان الترجّي والتمنّي يتقاربان على ما ذكرناه آنِفًا، فأمّا قول الشاعر [من الطويل]:
لعلّك يومًا ... إلخ
¬__________
1126 - التخريج: البيت لمتمم بن نويرة في ديوانه ص 119؛ وخزانة الأدب 5/ 345، 346؛ وشرح شواهد المغني 2/ 567, 695؛ ولسان العرب 11/ 474 (علل)؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 191؛ والمقتضب 3/ 74.
اللغة: تلم: تصيب أو تنزل. ملمة: مصيبة. الأجدع: مقطوع الأنف والأذن.
المعنى: لا تشمت بموت أخي، فقد تحل بك داهية، تضعفك وتذلك.
الإعراب: "لعلك": "لعل": حرف مشبه بالفعل، والكاف: ضمير متصل مبني في محل نصب اسمها. "يومًا": ظرف زمان منصوب بالفتحة الظاهرة متعلق بالفعل "تلم". "أن تلم": "أن": حرف نصب ومصدريّ، و"تلم": فعل مضارع منصوب بـ "أن" وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. والمصدر المؤول من "أن تلم" في محل رفع خبر "لعل". "ملمة": فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. "عليك": جار ومجرور متعلّقان بالفعل "تلم". "من اللائي": "من": حرف جر، و"اللائي": اسم موصول مبني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلّقان بمحذوف صفة لـ "ملمة". "يدعنك": فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، والنون: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والكاف: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. "أجدعا": مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة الظاهرة.
وجملة "لعلك يومًا أن تلم": ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "تلمّ": صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة "يدعنك": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "لعلك يومًا أن تلم ملمة"، فقد جاء خبر "لعل" مضارعًا مقرونًا بـ "أن"، حملًا لها على "عسى". وهذا ما يميزها عن أخواتها.

الصفحة 571