كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ، أَوْ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا فَثِنْتَانِ) وَالْمَعْنَى فِي الْأَوَّلِ مَثَلًا ثَلَاثًا تَقَعُ إلَّا ثِنْتَيْنِ لَا تَقَعَانِ إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ، فَالْمُسْتَثْنَى الثَّانِي مُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْمُسْتَثْنَى فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدَةً

. (أَوْ) قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ) تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ

(وَلَوْ) (عَقَّبَ طَلَاقَهُ) الْمُنَجَّزَ، أَوْ الْمُعَلَّقَ كَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ: طَلَاقَك، (أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ) أَيْ: طَلَاقَك (أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) أَيْ: طَلَاقَك (وَقَصَدَ تَعْلِيقَهُ) بِالْمَشِيئَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا (مُنِعَ انْعِقَادُهُ) لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ، أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ وَلِأَنَّ الْوُقُوعَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ مُحَالٌ وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ طَلُقَتْ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ.
وَخَرَجَ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ مَا لَوْ سَبَقَ ذَلِكَ إلَى لِسَانِهِ لِتَعَوُّدِهِ بِهِ، أَوْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا؟ ، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ، وَإِنْ كَانَ وَضَعَ ذَلِكَ لِلتَّعْلِيقِ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَوْضُوعٌ لِلْإِخْرَاجِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ (كَ) مَا يَمْنَعُ التَّعْقِيبَ بِذَلِكَ انْعِقَادُ (كُلِّ عَقْدٍ وَحَلٍّ) كَعِتْقٍ مُنَجَّزٍ، أَوْ مُعَلَّقٍ أَوْ يَمِينٍ وَنَذْرٍ وَبَيْعٍ وَفَسْخٍ وَصَلَاةٍ

. (وَلَوْ قَالَ: يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ) نَظَرًا لِصُورَةِ النِّدَاءِ الْمُشْعِرِ بِحُصُولِ الطَّلَاقِ حَالَتَهُ، وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ، وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا، وَهُوَ نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. اهـ بُرُلُّسِيٌّ سم.
وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ، وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ فِي نَحْوِ لَا أَطَؤُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً، وَلَا أَشْكُو إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا أَبِيتُ إلَّا لَيْلَةً حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَنْعِ الْمُقَدَّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْ وَطْئِك سَنَةً إلَّا مَرَّةً فَلَا أَمْنَعُ نَفْسِي فِيهَا بَلْ أَكُونُ عَلَى الْخِيَارِ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ فَيَكُونُ النَّفْيُ مُؤَوَّلًا بِالْإِثْبَاتِ، فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، وَعَكْسُهُ وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يُكَلِّمُهُ إلَّا فِي شَرٍّ ثُمَّ تَخَاصَمَا، وَكَلَّمَهُ فِي شَرٍّ، ثُمَّ كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خَيْرٍ لَا حِنْثَ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِكَلَامِهِ لَهُ فِي شَرٍّ إذْ لَيْسَ فِي صِيغَتِهِ مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ جِهَةُ بِرٍّ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي شَرٍّ وَجِهَةِ حِنْثٍ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي خَيْرٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا ثَلَاثًا) فِيهِ أَنَّ هَذَا مُسْتَغْرِقٌ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُتْبِعْهُ بِشَيْءٍ لَمْ يُسْتَغْرَقْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ: الْمُسْتَثْنَى الْأَوَّلِ

. (قَوْلُهُ: إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) فَلَوْ قَالَ: إلَّا نِصْفًا رُوجِعَ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت نِصْفَ الثَّلَاثِ فَثِنْتَانِ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ، فَثَلَاثٌ، وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى نِصْفِ الثَّلَاثِ ح ل.
(قَوْلُهُ: تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّ التَّكْمِيلَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْوَاقِعِ لَا لِلْمُرْتَفِعِ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَقِبَ طَلَاقِهِ) التَّعْقِيبُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ التَّقْدِيمُ كَقَوْلِهِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْت طَالِقٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ. وَمِثْلُ تَأْخِيرِ الْمَشِيئَةِ تَقْدِيمُهَا. اهـ، وَحِينَئِذٍ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَقَدَّمِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ الْمَشِيئَةَ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهَا، أَوْ يَقْصِدَ التَّعْلِيقَ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِهَا شَيْخُنَا، قَالَ ح ل: وَهَذَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الشَّرْعِيِّ الرَّافِعِ لِأَصْلِ الطَّلَاقِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ الْإِتْيَانُ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ، وَأَنْ لَا يَفْصِلَ بِفَوْقِ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ. وَلَا بُدَّ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ التَّعْلِيقَ بِهِ ح ل، وَسُمِّيَتْ كَلِمَةُ الْمَشِيئَةِ اسْتِثْنَاءً لِصَرْفِهَا الْكَلَامَ عَنْ الْجَزْمِ وَالثُّبُوتِ حَالًا مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى. اهـ زي، وَمِثْلُ إنْ غَيْرُهَا كَمَتَى، وَمِثْلُ التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ كَأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ جِبْرِيلُ أَوْ مِيكَائِيلُ.
(قَوْلُهُ: بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ أَرَادَ أَوْ أَحَبَّ أَوْ رَضِيَ. اهـ ح ل، فَلَا يَنْفَعُ إنْشَاءُ الْغَيْرِ لَهُ إلَّا إنْ أَفْتَاهُ شَخْصٌ عَلَى جَهْلٍ وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُ، فَيَنْفَعُهُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ إنْشَاءَ الْغَيْرِ لَا يَنْفَعُ كَمَا قَالَهُ ع ش، وَقَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ إمَّا تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ، وَالْوُقُوعُ مَعَ عَدَمِهَا مُسْتَحِيلٌ أَوْ بِالْمَشِيئَةِ، وَهُوَ يَرْفَعُ الْوُقُوعَ سم. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ) أَيْ: فِي الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ أَوْ عَدَمِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ الْوُقُوعَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ مُحَالٌ حَتَّى لَوْ قَالَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْأُولَى: أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ وَلَا يُقَالُ: هُوَ بِطَلَاقِهِ لَهَا عَلِمَ مَشِيئَةَ اللَّهِ لِطَلَاقِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ تَحَقُّقُ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ وَقَعَ لَكَانَ بِالْمَشِيئَةِ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ لَانْتَفَى عَدَمُ الْمَشِيئَةِ، فَلَا يَقَعُ الِانْتِفَاءُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ. ح ل، وَقَوْلُهُ: وَالثَّالِثَةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ عَدَمَ طَلَاقِك فَلَا تَطْلُقِينَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَوْلُهُ: مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ أَيْ: نَصًّا فِي الْأَوَّلِ، وَلُزُومًا فِي الثَّالِثِ، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ التَّقْدِيرَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك، فَمُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ.
(قَوْلُهُ: قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) فَالصُّوَرُ الْخَارِجَةُ خَمْسَةٌ، وَأُلْحِقَ الْإِطْلَاقُ هُنَا بِالتَّرْكِ وَفِي الْوُضُوءِ بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ جَزْمٌ فَتَبْطُلُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ مَا هُنَا؛ وَأَيْضًا فَقَدْ أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ، وَلَمْ يَأْتِ بِمَا يُنَافِيهِ بَلْ بِمَا يُلَائِمُهُ. اهـ ع ن. (قَوْلُهُ: وَيَمِينٍ) كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ م ر وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا فِي الْمَاضِي، ثُمَّ حَلَفَ بِأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا فَعَلْته إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ تَعْلِيقٌ لِلْيَمِينِ

الصفحة 18