كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِهِ فَوُقُوعُهُ مُحَالٌ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ إذْ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ بِأَسْبَابٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِعِتْقِ غَانِمٍ، ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَا يَفِي ثُلُثُ مَالِهِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لَا يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَانِمٍ، وَشَبَّهَ هَذَا بِمَا لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ يَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْإِرْثِ

. (أَوْ) قَالَ: (إنْ وَطِئْتُك) وَطْئًا (مُبَاحًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ، ثُمَّ وَطِئَ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَخَرَجَ الْوَطْءُ عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا، وَخُرُوجُهُ عَنْ ذَلِكَ مُحَالٌ، وَسَوَاءٌ أَذَكَرَ ثَلَاثًا أَمْ لَا

(أَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا خِطَابًا اُشْتُرِطَتْ) أَيْ: مَشِيئَتُهَا (فَوْرًا) بِأَنْ تَأْتِي بِهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَمْلِيكَهَا الطَّلَاقَ كَطَلِّقِي نَفْسِك، وَهَذَا (فِي غَيْرِ نَحْوِ مَتَى) أَمَّا فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ كَمَا مَرَّ، وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي هُنَا، وَإِنْ ذَكَرَ الْأَصْلُ حُكْمَ إنْ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ، أَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا غَيْبَةً كَأَنْ قَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ، وَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا كَأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ شِئْت فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، فَلَا تُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا؛ لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ فِي الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهُ فِي الْأُولَى بِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ فِيهِ (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (بِقَوْلِ الْمُعَلِّقِ بِمَشِيئَتِهِ) مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (شِئْت) حَالَةَ كَوْنِهِ (غَيْرَ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ) سَكْرَانَ (كَارِهًا) بِقَلْبِهِ إذْ لَا يُقْصَدُ التَّعْلِيقُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ لِخَفَائِهِ، بَلْ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ وَقَدْ وُجِدَ أَمَّا مَشِيئَةُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْمُعَلَّقِ بِهَا الطَّلَاقُ فَلَا يَقَعُ بِهَا إذْ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَلَا رُجُوعَ لِمُعَلِّقٍ) قَبْلَ الْمَشِيئَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِي الظَّاهِرِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ تَمْلِيكًا كَمَا لَا يَرْجِعُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ مُعَاوَضَةً

(وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ طَلْقَةً فَشَاءَهَا) وَلَوْ فِي أَكْثَرِ مِنْهَا (لَمْ تَطْلُقْ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَهَا، فَلَا تَطْلُقِينَ كَمَا لَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَدَخَلَهَا وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت بِالِاسْتِثْنَاءِ وُقُوعَ طَلْقَةٍ إذَا شَاءَهَا وَقَعَتْ طَلْقَةٌ أَوْ أَرَدْت عَدَمَ وُقُوعِهَا إذَا شَاءَهَا فَطَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ

(كَمَا) لَا تَطْلُقُ فِيمَا (لَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهِ) كَدُخُولِهِ الدَّارَ (أَوْ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ) بِأَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ حِنْثُهُ لِصَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (وَقَصَدَ) الْمُعَلِّقُ (إعْلَامَهُ بِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: إلْغَاؤُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الْمُعَلَّقَ، وَهُوَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: مَشْرُوطٌ بِهِ) أَيْ: بِالْمُنَجَّزِ فَوُقُوعُهُ أَيْ: الْمُعَلَّقِ مُحَالٌ. (قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ الدَّوْرِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا دَوْرٌ شَرْعِيٌّ، وَذَاكَ جَعْلِيٌّ، وَفِيهِ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا الدَّوْرَ الْجَعْلِيَّ فِي قَوْلِهِ: إنْ وَطِئْتُك إلَخْ ح ل

. (قَوْلُهُ: مُبَاحًا) لَوْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُبَاحٍ فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَ وَقَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَوَافَقَ م ر عَلَيْهِ ع ش، لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي حُكْمِ هَذَا مِنْ إيجَابِ الْعِدَّةِ، وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَحُصُولِ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْصِينِ، وَيَظْهَرُ تَرَتُّبُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُبَاحٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ وَطِئَ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَلَوْ فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ بِحَسَبِ الْوَضْعِ كَذَا عَلَّلَ شَيْخُنَا كحج وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا حَرَامًا فَأَنْت طَالِقٌ، وَوَطِئَهَا فِي الْحَيْضِ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَرَامًا لِذَاتِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ حُرِّرْ ح ل، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ وَطِئَ وَلَوْ فِي حَيْضٍ إذْ الْمُرَادُ الْمُبَاحُ لِذَاتِهِ فَلَا تُنَافِيهِ الْحُرْمَةُ الْعَارِضَةُ، فَخَرَجَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ، فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْوَطْءُ الْمُبَاحُ لِذَاتِهِ.
(قَوْلُهُ: عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا) أَيْ: وَلَوْ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ، فَيُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر

. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَ) أَيْ: بِإِنْ أَوْ إذَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: خِطَابًا) الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ بِصِيغَتِهِ الْمُعْتَادَةِ حَضَرَ الشَّخْصُ أَوْ غَابَ كَأَنْ كَتَبَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَنَوَى، وَبَلَغَهَا ذَلِكَ فَشَاءَتْ، وَبِالْغَيْبَةِ مَا كَانَ بِصِيغَتِهَا كَذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ بِزِيَادَةٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَأَخْبَرَهَا شَخْصٌ بِذَلِكَ، وَشَاءَتْ طَلُقَتْ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ ح ل. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَشِيئَتِهَا) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ لَفْظِ شِئْت، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ نَحْوَ أَرَدْت، وَإِنْ رَادَفَهُ إلَّا أَنَّ الْمَدَارَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ دُونَ مُرَادِفِهِ فِي الْحُكْمِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ لَهُ) أَيْ: لِلْمُكَلَّفِ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ الْمُعَلَّقِ) أَيْ: وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَلَوْ طَرَأَ خَرَسُهُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِخَفَائِهِ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِرِضَاهَا أَوْ بِحُبِّهَا، وَقَالَتْ: ذَلِكَ كَارِهَةً بِقَلْبِهَا لَمْ يَقَعْ بَاطِنًا ح ل.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ بِهَا) مَا لَمْ يُرِدْ الْمُعَلِّقُ التَّلَفُّظَ بِذَلِكَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فِي التَّصَرُّفَاتِ) أَيْ: الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا كَمَا هُنَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا: شِئْت بِمَنْزِلَةِ طَلَاقِهِمَا، وَطَلَاقُهُمَا لِزَوْجَتَيْهِمَا لَا يَصِحُّ، فَكَذَا طَلَاقُ زَوْجَةِ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَصَرُّفٌ فِي حِلِّ الْعِصْمَةِ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ تُوجَدُ مِنْ الصَّبِيِّ، وَلَيْسَ تَصَرُّفًا مِنْهُ

. (قَوْلُهُ: فَشَاءَهَا لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مَشِيئَةَ زَيْدٍ وَاحِدَةً عَنْ أَحْوَالِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَقِيلَ: تَقَعُ طَلْقَةٌ إذْ التَّقْدِيرُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَاحِدَةً، فَتَقَعُ، فَالْإِخْرَاجُ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دُونَ أَصْلِ الطَّلَاقِ، وَيُقْبَلُ ظَاهِرًا لِإِرَادَةِ هَذَا، لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي أَكْثَرَ) أَيْ: مَعَ أَكْثَرَ فَفِي بِمَعْنَى مَعَ

. (قَوْلُهُ: بِفِعْلِهِ) أَيْ: فِعْلِ نَفْسِهِ وَقَصَدَ حَثَّ نَفْسِهِ أَوْ مَنْعَهَا وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ عَلَى الْمُتَّجَهِ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا، وَخِلَافًا لحج بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ الْمُجَرَّدَ بِمُجَرَّدِ صُورَةِ الْفِعْلِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ مُطْلَقًا شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهِ أَيْ: وَقَصَدَ حَثَّ نَفْسِهِ أَوْ مَنْعَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِمُجَرَّدِ صُورَةِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَقَعُ، وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي فِعْلِ مَنْ يُبَالِي، فَالْمُرَادُ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ مَنْعُهُ مِنْهُ أَوْ حَثُّهُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ: بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ) بِأَنْ تَقْضِيَ

الصفحة 34