كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُبَالِي بِالتَّعْلِيقِ.
(فَفِعْلُ الْمُعَلِّقِ) بِفِعْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ (نَاسِيًا) لِلتَّعْلِيقِ (أَوْ) ذَاكِرًا لَهُ (مُكْرَهًا) عَلَى الْفِعْلِ (أَوْ) مُخْتَارًا (جَاهِلًا) بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَذَلِكَ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أَيْ: لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلِفِ، فَالْفِعْلُ مَعَهَا كَلَا فِعْلٍ فَإِنْ لَمْ يُبَالِ بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ، وَالْحَجِيجِ أَوْ كَانَ يُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُعَلِّقُ إعْلَامَهُ طَلُقَتْ بِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ قَصْدُ إعْلَامِهِ بِهِ الَّذِي قَدْ يُعَبِّرُ عَنْهُ بِقَصْدِ مَنْعِهِ مِنْ الْفِعْلِ، وَإِفَادَةِ طَلَاقِهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَهُ بِهِ وَعَلِمَ بِهِ الْمُبَالِي مِنْ زِيَادَتِي، وَكَذَا عَدَمُ طَلَاقِهَا فِيمَا إذَا قَصَدَ إعْلَامَهُ بِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَكَلَامُ الْأَصْلِ مُؤَوَّلٌ هَذَا كُلُّهُ كَمَا رَأَيْت إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ أَمَّا لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زَيْدًا لَيْسَ فِي الدَّارِ، وَكَانَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، أَوْ عَلِمَهُ وَنَسِيَ فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ وَقَدْ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(فَصْلٌ) فِي الْإِشَارَةِ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ وَفِي غَيْرِهَا لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ: (أَنْت طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ إلَّا مَعَ نِيَّتِهِ) عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِشَارَةِ هُنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَادَةَ وَالْمُرُوءَةُ بِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ، وَيَبَرُّ قَسَمَهُ لِنَحْوِ حَيَاءٍ، أَوْ صَدَاقَةٍ، أَوْ حُسْنِ خُلُقٍ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ: فَلَوْ نَزَلَ بِهِ عَظِيمُ قَرْيَةٍ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَرْتَحِلَ حَتَّى يُضَيِّفَهُ فَهُوَ مُبَالٍ لِمَا ذَكَرَ شَرْحُ م ر قَالَ الشَّيْخُ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَعْرِفَةَ كَوْنِهِ مِمَّنْ يُبَالِي بِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيِّنَةٍ، وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِقَوْلِ الزَّوْجِ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ مَا يَضُرُّهُ، وَلَا الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ لِسُهُولَةِ عِلْمِهِ مِنْ غَيْرِهِ كَالْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ أَوْ الْجَهْلَ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَإِنْ كَذَّبَهُ الزَّوْجُ. اهـ، وَيَتَّجِهُ خِلَافُهُ لِاعْتِرَافِهِ شَوْبَرِيٌّ، وَالِاعْتِبَارُ بِكَوْنِهِ يُبَالِي عِنْدَ التَّعْلِيقِ كَمَا فِي س ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُبَالِي) لِلرَّدِّ فَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعْلَامِهِ أَمَّا إذَا تَمَكَّنَ، وَلَمْ يَعْلَمْهُ وَقَعَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: نَاسِيًا) مَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ نَسِيَ أَوْ أُكْرِهَ أَوْ قَالَ: لَا أَفْعَلُهُ عَامِدًا، وَلَا غَيْرَ عَامِدٍ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ ح ل: نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ أَوْ مُنَزِّلًا مَنْزِلَتَهُ، وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُبَالِي بِالتَّعْلِيقِ، وَمِثْلُ الطَّلَاقِ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ بِمَا ذَكَرَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُكْرَهًا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ، وَمِثْلُ الْإِكْرَاهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ الَّذِي لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ، وَالْمُرَادُ مَكْرُوهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَدْ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِصِفَةٍ أَنَّهَا إنْ وُجِدَتْ بِإِكْرَاهٍ بِحَقٍّ حَنِثَ، وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ تَنْحَلَّ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلًا) وَمِنْ الْجَهْلِ أَنْ تُخْبِرَ مَنْ حَلَفَ زَوْجُهَا إنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ بِأَنَّ زَوْجَهَا أَذِنَ لَهَا، وَإِنْ بَانَ كَذِبُ الْمُخْبِرِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ خَرَجَتْ نَاسِيَةً فَظَنَّتْ انْحِلَالَ الْيَمِينِ أَوْ أَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ سِوَى الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَخَرَجَتْ ثَانِيًا، وَلَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى إفْتَاءِ مُفْتٍ بِعَدَمِ حِنْثِهِ بِهِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِفْتَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، إذْ الْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَعَدَمِهَا لَا عَلَى الْأَهْلِيَّةِ شَرْحُ م ر، وَمِثْلُهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ قَوْلِ غَيْرِ الْحَالِفِ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُخْبِرُ بِأَنَّ مَشِيئَةَ غَيْرِهِ تَنْفَعُهُ فَيَفْعَلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ اعْتِمَادًا عَلَى خَبَرِ الْمُخْبِرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ لَكِنَّهُ ظَنَّهُ مُعْتَمَدًا عَلَى مَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّ مَشِيئَةَ غَيْرِهِ تَنْفَعُهُ، فَذَلِكَ الِاشْتِهَارُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَالْفِعْلُ مَعَهَا) أَيْ: مَعَ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: كَالسُّلْطَانِ) هَلْ وَلَوْ كَانَ صَدِيقًا أَوْ أَخًا أَوْ أَبَاهُ؟ ح ل، وَفِي الْبَرْمَاوِيِّ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ. (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ بِفِعْلِهِ) وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مَكْرُوهًا ح ل. (قَوْلُهُ: مُؤَوَّلٌ) لِأَنَّ الْأَصْلَ قَالَ: أَوْ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ. وَأَعْلَمُهُ بِهِ فَيُؤَوَّلُ قَوْلُهُ: وَأَعْلَمَهُ بِهِ بِقَصْدِ إعْلَامِهِ بِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ) أَيْ: كَوْنُ الْجَاهِلِ. وَالنَّاسِي لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ بِفِعْلِهِمَا ح ل. (قَوْلُهُ: عَلَى فِعْلِ مُسْتَقْبَلٍ) كَلَا أَفْعَلُ ح ل. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ حَلَفَ إلَخْ) صَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ عَلَى النَّاسِي، وَالْجَاهِلِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ، وَبِالطَّلَاقِ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَنْسَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَيَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ يَنْسَى، فَيَحْلِفَ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَهُ. اهـ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي اتِّحَادِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: جَاهِلًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ حَلَفَ أَوْ وَقَعَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ) ضَعِيفٌ ع ش.

[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ وَفِي غَيْرِهَا]
وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ عِنْدَ طَلْقَتَيْهِ إلَخْ، وَأَعَادَ الْعَامِلَ، وَهُوَ فِي لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى الْأَصَابِعِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ) مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ: وَكَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: أَنْتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَمَّامِ الصِّيغَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِثْلُهُ فِي ح ل، وَخَالَفَ الشَّوْبَرِيُّ فَأَخَذَ بِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ بِأَنَّ النِّيَّةَ، ثَمَّ لِلْإِيقَاعِ، وَهُوَ بِمَجْمُوعِ أَنْتِ وَمَا بَعْدَهُ فَاكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِأَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ، وَهُنَا لِتَعَدُّدِ الطَّلَاقِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَتِهَا لِلَفْظَةِ طَالِقٍ إذْ لَا دَخْلَ لِأَنْتِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِشَارَةِ هُنَا) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَقَدْ خَلَا عَنْ لَفْظَةِ هَكَذَا، فَلَا تُلْغَى عَنْ الِاعْتِبَارِ

الصفحة 35