كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

وَلَا بِقَوْلِهِ أَنْتِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِمَا ذَكَر (أَوْ) مَعَ قَوْلِهِ: (هَكَذَا) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَتَطْلُقُ فِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِيهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً لِذَلِكَ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ (فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت) بِالْإِشَارَةِ بِالثَّلَاثِ الْأُصْبُعَيْنِ (الْمَقْبُوضَتَيْنِ حَلَفَ) ، فَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَقَعُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَتَيْنِ، لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ لَا إنْ قَالَ: أَرَدْت إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ اللَّفْظِ صَرِيحَةٌ فِي الْعَدَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا يُقْبَلُ خِلَافُهَا

. (وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ طَلْقَتَيْهِ بِصِفَةٍ وَ) عَلَّقَ (سَيِّدُهُ حُرِّيَّتَهُ بِهَا) كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إذَا مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، وَقَالَ سَيِّدُهُ لَهُ: إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ (فَعَتَقَ بِهَا) أَيْ: بِالصِّفَةِ وَهِيَ فِي الْمِثَالِ مَوْتُ سَيِّدِهِ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ (لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ) فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الْعِدَّةِ وَتَجْدِيدُ النِّكَاحِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَقَعَا مَعًا لَكِنْ غَلَبَ الْعِتْقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ تَقَدَّمَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِمُسْتَوْلَدَتِهِ، أَوْ مُدَبَّرِهِ حَيْثُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مَعَ مَا ذُكِرَ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَمْ يَجُزْ الْوَارِثُ بَقِيَ رِقُّ مَا زَادَ عَلَيْهِ، وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَعَّضَ كَالْقِنِّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَعْتِقْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ بَلْ بِأُخْرَى مُتَأَخِّرَةً كَأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فِي آخَرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ سَيِّدِي، وَقَالَ سَيِّدُهُ: إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ، وَتَعْبِيرِي بِالصِّفَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ

. (وَلَوْ نَادَى زَوْجَةً) لَهُ (فَأَجَابَتْهُ أُخْرَى فَقَالَ) لَهَا: (أَنْت طَالِقٌ وَظَنَّهَا الْمُنَادَاةَ) أَوْ غَيْرَهَا الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى، وَلَمْ يَقْصِدْ فِيهِمَا طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ (طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا خُوطِبَتْ بِالطَّلَاقِ (لَا الْمُنَادَاةُ) لِأَنَّهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِهِ وَلَا قَصَدَ طَلَاقَهَا، وَظَنَّ خِطَابَهَا بِهِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ قَصَدَ طَلَاقَهَا طَلُقَتْ مَعَ الْأُخْرَى

. (وَلَوْ عَلَّقَ بِغَيْرِ كُلَّمَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَبِنِصْفٍ) كَأَنْ قَالَ: إنْ أَكَلَتْ رُمَّانَةً فَأَنْت طَالِقٌ، وَإِنْ أَكَلَتْ نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً فَطَلْقَتَانِ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ بِأَكْلِهَا، فَإِنْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا فَثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهَا أَكَلَتْ رُمَّانَةً مَرَّةً وَنِصْفَ رُمَّانَةٍ مَرَّتَيْنِ، وَقَوْلِي: بِغَيْرِ كُلَّمَا مِنْ زِيَادَتِي

(وَالْحَلِفُ) بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا عِنْدَ انْتِفَائِهَا فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَنْ قَوْلِهِ: أَوْ هَكَذَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِقَوْلِهِ أَنْتِ هَكَذَا) أَيْ: وَأَسْقَطَ لَفْظَ طَالِقٍ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّهُ لَا إشْعَارَ لِلَّفْظِ بِالطَّلَاقِ ح ل، وَبِهِ فَارَقَ أَنْتِ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ، وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا ع ش عَلَى م ر بِخِلَافِ أَنْتِ الثَّلَاثُ فَلَيْسَتْ كِنَايَةً بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ قَوْلِهِ هَكَذَا) أَيْ: قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ: الْمَذْكُورَ مِنْ الْإِشَارَةِ مَعَ النِّيَّةِ أَوْ مَعَ قَوْلِهِ هَكَذَا، وَقَوْلُهُ صَرِيحٌ فِيهِ أَيْ: فِي الْعَدَدِ فَلَوْ جَمَعَ كَفَّهُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً. اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: مُفْهِمَةٌ لِذَلِكَ) أَيْ: صَادِرَةٌ عَنْ قَصْدٍ بِأَنْ اقْتَرَنَ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَالنَّظَرِ لِأَصَابِعِهِ أَوْ تَحْرِيكِهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْتَادُ الْإِشَارَةَ بِأَصَابِعِهِ فِي الْكَلَامِ لَا عَنْ قَصْدٍ، فَانْدَفَعَ مَا قَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَتْ صَرِيحَةً لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا مُفْهِمَةً لَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: أَرَدْت إحْدَاهُمَا) أَيْ: الْمَقْبُوضَتَيْنِ، وَانْظُرْ إذَا أَشَارَ بِأَرْبَعٍ، وَقَالَ: أَرَدْت الْمَقْبُوضَةَ وَلَا يَبْعُدُ الْقَبُولُ. اهـ سم عَلَى حَجّ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ: قَبُولُ قَوْلِهِ أَرَدْت الْمَقْبُوضَتَيْنِ مُشْكِلٌ مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ: هَكَذَا إذَا انْضَمَّتْ إلَيْهِ قَرِينَةٌ تُفْهِمُ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ، وَمُقْتَضَى انْضِمَامِهَا أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ أَرَدْت غَيْرَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَرِينَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ دَلَالَتُهَا ضَعِيفَةٌ فَقُبِلَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ مَعَ الْيَمِينِ ع ش م ر. (قَوْلُهُ: صَرِيحَةٌ فِي الْعَدَدِ) أَيْ: وَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ

(قَوْلُهُ: لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ) أَيْ: الْحُرْمَةَ الْكُبْرَى وَإِلَّا فَأَصْلُ الْحُرْمَةِ حَاصِلٌ جَزْمًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّجْعَةُ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ مُقَارَنًا لِلْعِتْقِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ حُرْمَةً كُبْرَى؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ حَالَ الْحُرِّيَّةِ، فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَكِنْ غَلَبَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: مَعًا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ وَاحِدَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَوْ عَلَّقَا بِصِفَتَيْنِ، وَوُجِدَتَا مَعًا كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَوَّرُوا بِالصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ فِيهَا مُحَقَّقَةٌ ح ل. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا ذَكَرَ) أَيْ: مِثْلَ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ وَاسْتِحْقَاقَ الْوَصِيَّةِ يَتَقَارَنَانِ

. (قَوْلُهُ: فَأَجَابَتْهُ أُخْرَى) أَيْ: غَيْرُ الْمُنَادَاةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهَا) وَهِيَ الْمُجِيبَةُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ فِيهِمَا طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ) فِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَظُنُّ أَنَّهَا الْمُنَادَاةُ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ؟ ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ظَنِّهَا الْمُنَادَاةِ أَنْ يَقْصِدَ طَلَاقَهَا، بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ فَقَطْ مِنْ حَالِهِ حِينَئِذٍ أَيْ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَاصِدٌ ذَلِكَ، وَخِطَابُ الْمُجِيبَةِ قَطَعَ أَثَرَ ذَلِكَ الْقَصْدِ سم.
(قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ: لِسَبْقِ الْمُكَالَمَةِ مَعَهَا فَقَوِيَتْ الْقَرِينَةُ. لَا يُقَالُ لَيْسَ لَنَا طَلَاقٌ يَقَعُ بِالْقَصْدِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ. لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا وَقَعَ عَلَى هَذِهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهَا بِالنِّدَاءِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا قَصَدَ الْمُنَادَاةَ صَحَّ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلًا فِيهَا، وَهُوَ صَالِحٌ أَيْضًا لِلْمُجِيبَةِ فَكَأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِيهِمَا أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْأُخْرَى) أَيْ: الْمُجِيبَةِ فَإِذَا قَالَ: لَمْ أَقْصِدْ الْمُجِيبَةَ دُيِّنَ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ ح ل

(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ) فِيهِ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةٌ كَانَتْ غَيْرًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا أَغْلَبِيٌّ ح ل فَإِنْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُبُعِ رُمَّانَةٍ أَيْضًا فَثَلَاثٌ لِوُجُودِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ بِأَكْلِهَا فَإِنْ أَكَلَتْ نِصْفَهَا فَطَلْقَتَانِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا) أَيْ: فِي التَّعْلِيقَيْنِ أَوْ فِي الثَّانِي فَقَطْ لِأَنَّ التَّكْرَارَ مِمَّا هُوَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ (فَائِدَةٌ)
نُقِلَ عَنْ

الصفحة 36