كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

(بِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ نَصْرَانِيَّةٌ) كَقَوْلِهِمْ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ (حَلَفَ النَّصْرَانِيُّ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ سَوَاءٌ أَعَكَسَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنْ قَيَّدَتْ بِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ الْإِسْلَامُ أَمْ أَطْلَقَتْ وَمَسْأَلَةُ إطْلَاقِ بَيِّنَتِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(أَوْ جُهِلَ دِينُهُ وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةٌ أَوْ لَا بَيِّنَةَ حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَقُسِمَ الْمَتْرُوكُ بِحُكْمِ الْيَدِ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا فَقَوْلُ الْأَصْلِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً لَيْسَ بِقَيْدٍ

(وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ (فَقَالَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمْتُ بَعْدَ مَوْتِهِ) فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا (وَ) قَالَ (النَّصْرَانِيُّ) بَلْ (قَبْلَهُ) فَلَا مِيرَاثَ لَك (حَلَفَ الْمُسْلِمُ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ أَمْ لَا.
(وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ) عَلَى بَيِّنَتِهِ إذَا أَقَامَاهُمَا بِمَا قَالَاهُ؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فَهِيَ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَسْمَعُ تَنَصُّرُهُ إلَى مَا بَعْدِ الْمَوْتِ تَعَارَضَتَا فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ (أَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ مَاتَ) الْأَبُ (قَبْلَ إسْلَامِي وَ) قَالَ (النَّصْرَانِيُّ) مَاتَ (بَعْدَهُ وَ) قَدْ (اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فَعَكْسُهُ) فَيُصَدَّقُ النَّصْرَانِيُّ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ إذَا أَقَامَاهُمَا بِمَا قَالَاهُ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِلْحَيَاةِ نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ إسْلَامٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ نَصْرَانِيَّةٌ) وَلَا بُدَّ أَنْ تُفَسِّرَهَا (قَوْلُهُ: ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) أَيْ مِنْ الْآلِهَةِ وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ بِهَذَا بِرْمَاوِيٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ} [المجادلة: 7] الْآيَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّصْرَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إسْلَامٌ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي وَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ إلَّا إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَقِيهًا مُوَافِقًا لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ فِيمَا يُسْلِمُ بِهِ الْكَافِرُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ (قَوْلُهُ: أَمْ أَطْلَقَتْ) أَيْ قَالَتْ مَاتَ مُسْلِمًا فَيَحْصُلُ التَّعَارُضُ وَيَتَسَاقَطَانِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَفِيهِ هَلَّا قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ الْعَمَلِ بِالنَّاقِلَةِ لَهُ مَا لَمْ يُوجَدْ مُعَارِضٌ لَهَا. اهـ. ح ل
وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: أَمْ أَطْلَقَتْ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَرْجِيحَ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ بِزِيَادَةِ الْعِلْمِ قَدْ زَالَ بِوَاسِطَةِ تَعَرُّضِ بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ لِلْقَيْدِ سم وَهُوَ قَوْلُهَا إنَّ آخِرَ كَلَامِهِ نَصْرَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَيْسَ مُسْتَنَدُهَا الِاسْتِصْحَابِ تِصْحَابَ فَقَدَّمْنَاهَا عَلَى النَّاقِلَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا لِيَكُونَ نَصْرَانِيَّتُهُ مَعْلُومَةً وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ إذَا كَانَ مُسْتَنَدُ الْمُسْتَصْحَبَةِ الِاسْتِصْحَابَ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ دِينَهُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَإِنْ عُرِفَتْ نَصْرَانِيَّتُهُ أَيْ جَهِلَ هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يُجْهَلُ ذَلِكَ وَلَهُ وَلَدٌ نَصْرَانِيٌّ أَيْ كَافِرٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اسْتَلْحَقَهُ الْوَلَدَانِ أَيْ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ ح ل بِأَنْ يَدَّعِيَا أَنَّهُ أَبُوهُمَا وَكَانَ غَائِبًا قَبْلَ ذَلِكَ وَيُصَدِّقُهُمَا كَمَا قَالَهُ ع ش (قَوْلُهُ: بِحُكْمِ الْيَدِ) أَيْ لَا بِحُكْمِ الْإِرْثِ حَتَّى لَوْ كَانَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى قُسِمَ نِصْفَيْنِ ح ل وع ش (قَوْلُهُ: نِصْفَيْنِ) أَيْ إنْ كَانَ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ م ر وحج وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِحُكْمِ الْيَدِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا لَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ ذُو الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْيَدِ بَعْدَ اعْتِرَافِ صَاحِبِهَا بِأَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ إرْثًا فَكَأَنَّهُ بِيَدِهِمَا

(قَوْلُهُ: بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ) أَيْ إلَى مَوْتِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: تَنَصُّرَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ: إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ إلَى الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: تَعَارَضَتَا) أَيْ فَيَتَسَاقَطَانِ فَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ الْمُسْلِمُ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ إلَى مَوْتِ أَبِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْمَعْنَى لَكِنَّهَا تُخَالِفُهَا فِي اللَّفْظِ وَالْحُكْمِ لِأَنَّ مَصَبَّ الدَّعْوَى هُنَا الْمَوْتُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَصَبُّ الدَّعْوَى السَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ قَبْلَهُ وَعِبَارَةُ سم هَذِهِ عَيْنُ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَا تُفَارِقُهَا فِي شَيْءٍ سِوَى الِاتِّفَاقِ عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ. فَالْوَجْهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا فِي أَصْلِهِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ بِقَةِ فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى إسْلَامِ الِابْنِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ مَاتَ الْأَبُ فِي شَعْبَانَ وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ فِي شَوَّالٍ صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فَالْمُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ مُسْتَدْرِكٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ كَأَصْلِهِ.
وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ إلَخْ. اهـ. فَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ هَذَا إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ إسْلَامِ الِابْنِ ثُمَّ يَقُولُ فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى إسْلَامِ الِابْنِ إلَى آخِرِ عِبَارَةِ الْأَصْلِ كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَبَقَ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ حَلَفَ الْمُسْلِمُ إلَخْ عَقِبَ قَوْلِهِ بَلْ قَبْلَهُ وَقَالَ هُنَا وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فَعَكْسُهُ إلَخْ لَكَانَ أَخْصَرَ وَكَانَ يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ إسْلَامِي) أَيْ فَكُنْت مُوَافِقًا لَهُ فِي الدِّينِ وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ مَاتَ بَعْدَهُ فَكُنْت وَقْتَ الْمَوْتِ مُخَالِفًا لَهُ فِي الدِّينِ فَلَا تَرِثُ عَبْدُ الْبَرِّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى إسْلَامِ الِابْنِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ مَاتَ الْأَبُ فِي شَعْبَانَ وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ فِي شَوَّالٍ عَبْدُ الْبَرِّ (قَوْلُهُ: بَقَاءُ الْحَيَاةِ) أَيْ بَقَاءُ حَيَاةِ الْأَبِ إلَى إسْلَامِ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: نَاقِلَةٌ مِنْ الْحَيَاةِ) أَيْ نَقَلَتْ الْأَبَ مِنْ الْحَيَاةِ قَبْلَ إسْلَامِ الْوَلَدِ إلَى مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ: وَالْأُخْرَى

الصفحة 409