كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا وَاسْتُثْنِيَ مِنْهُ وَطْءُ الْكَافِرِ، وَمُقَدِّمَاتُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ رَجْعَةً وَأَسْلَمُوا أَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَنُقِرُّهُمْ كَمَا نُقِرُّهُمْ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ بَلْ أَوْلَى

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ زَوْجَةً مَوْطُوءَةً) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (مُعَيَّنَةً) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي (قَابِلَةً لِحِلِّ مُطَلَّقَةٍ مَجَّانًا لَمْ يُسْتَوْفَ عَدَدُ طَلَاقِهَا) فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً وَلَا قَبْلَ الْوَطْءِ، إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَاءِ، وَلَا فِي مُبْهَمَةٍ كَأَنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهَمًا، ثُمَّ رَاجَعَ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ تَعْيِينِهَا إذْ لَيْسَتْ الرَّجْعَةُ فِي احْتِمَالِ الْإِبْهَامِ كَالطَّلَاقِ لِشَبَهِهَا بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ مَعَهُ وَلَا فِي حَالِ رِدَّتِهَا كَمَا فِي حَالِ رِدَّتِهِ، وَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ الِاسْتِدَامَةُ، وَمَا دَامَ أَحَدُهُمَا مُرْتَدًّ الَا يَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِهَا وَلَا فِي فَسْخٍ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ جَوَازُ الرَّجْعَةِ، وَلَا فِي طَلَاقٍ بِعِوَضٍ لِبَيْنُونَتِهَا كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْخُلْعِ، وَلَا فِي طَلَاقٍ اسْتَوْفَى عَدَدَهُ لِذَلِكَ، وَلِئَلَّا يَبْقَى النِّكَاحُ بِلَا طَلَاقٍ

. (وَحَلَفَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةٍ بِغَيْرِ أَشْهُرٍ) مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ وَضْعٍ إذَا انْكَرْهُ الزَّوْجُ فَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (إنْ أَمْكَنَ) وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَى أَرْحَامِهِنَّ، وَخَرَجَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ غَيْرُهُ كَنَسَبٍ، وَاسْتِيلَادٍ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَبِغَيْرِ الْأَشْهُرِ انْقِضَاؤُهَا بِالْأَشْهُرِ وَبِالْإِمْكَانِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِصِغَرٍ، أَوْ يَأْسٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ

(وَيُمْكِنُ) انْقِضَاؤُهَا (بِوَضْعٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ زَوْجَةً) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ سَبْعَةُ شُرُوطٍ، وَرُبَّمَا أَغْنَى الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي وَالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ وَالسَّابِعِ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ بِهَا يَخْرُجُ بِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ خَرَجَ بِالزَّوْجَةِ الْأَجْنَبِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي لَا يُتَوَهَّمُ فِيهَا الرَّجْعَةُ، وَالْخَارِجُ بِهَؤُلَاءِ زَوْجَاتٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فَيُتَوَهَّمُ فِيهِنَّ جَوَازُ الرَّجْعَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ح ل، لَكِنْ يُنَافِي خُرُوجَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَقَطْ بِالزَّوْجَةِ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ: فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً. اهـ قَالَ زي وَس ل: وَلَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَوْ شَكَّ فِيهِ فَرَاجَعَ، ثُمَّ بَانَ وُقُوعُهُ صَحَّتْ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الْعِبَادَةِ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَظَنِّ الْمُكَلَّفِ.
(قَوْلُهُ: مَوْطُوءَةً) وَإِنْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا كَأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ، إذْ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ سم ع ش. (قَوْلُهُ: مُطَلَّقَةٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا لِيَدْخُلَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى شَيْءٍ وَشَكَّ فِي حُصُولِهِ، فَرَاجَعَ ثُمَّ تَبَيَّنَ حُصُولُهُ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ح ل، وَفِي ع ش عَلَى م ر مُطَلَّقَةٍ وَلَوْ بِتَطْلِيقِ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى، وَيَكْفِي فِي تَحْصِيلِهَا مِنْهُ أَصْلُ الطَّلَاقِ فَلَا يُقَالُ: مَا فَائِدَةُ طَلَاقِ الْقَاضِي حَيْثُ جَازَتْ الرَّجْعَةُ مِنْ الْمَوْلَى.
(قَوْلُهُ: فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) مُحْتَرَزُ زَوْجَةٍ، وَهَلْ مِثْلُ الْبَعْدِيَّةِ الْمَعِيَّةُ أَوْ لَا؟ الْعِلَّةُ تُرْشِدُ لِلثَّانِي ح ل أَيْ: فَشَرْطُ الرَّجْعَةِ بَقَاءُ الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ خَرَّجَ الْمُعَاشَرَةَ، فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: اسْتِدْخَالُ الْمَاءِ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ زي. (قَوْلُهُ: مُبْهِمًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ طَلَّقَ فَهُوَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَجَعْلُهُ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ غَلَطٌ، أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ شَيْخُنَا، وَقَدْ يُقَالُ: لَا غَلَطَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَكُونُ مُبْهَمًا بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ الْهَاءِ حَالًا مِنْ إحْدَى أَيْ: مُبْهَمًا مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: النِّكَاحُ لَا يَصِحُّ مَعَهُ أَيْ: الْإِبْهَامُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ إلَخْ) تَحْتَاجُ هَذِهِ الْمُقَدَّمَةُ إلَى مُقَدَّمَةِ أُخْرَى يَنْبَنِي عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا أَيْ: وَمِنْ لَازِمِ الِاسْتِدَامَةِ حِلُّ التَّمَتُّعِ، وَمَا دَامَ أَحَدُهُمَا إلَخْ شَيْخُنَا، وَصِحَّةُ رَجْعَةِ الْمُحَرَّمَةِ لِإِفَادَتِهَا نَوْعًا مِنْ الْحِلِّ كَالنَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ) يَرِدُ عَلَيْهِ طَلَاقُ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجْعَةَ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ أَصْلَ الطَّلَاقِ لَيْسَ مَشْرُوعًا لِذَلِكَ، فَلَا يَضُرُّ أَنَّ بَعْضَ جُزْئِيَّاتِهِ شُرِعَ لَهُ بِخِلَافِ الْفَسْخِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي طَلَاقٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا وَمَا بَعْدَهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: زَوْجَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا لَيْسَ بِزَوْجَةٍ، وَقَدْ يُمْنَعُ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِزَوْجَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: فِيهَا هَلْ تَصِحُّ رَجْعَتُهَا أَوْ لَا؟ بِخِلَافِ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ يَصِحُّ ذَلِكَ فِيهِ، فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرِهِمَا ح ل

. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ) وَتَحْلِفُ أَيْضًا فِي عَدَمِ الْحَيْضِ لِتَجِبَ نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا، وَإِنْ تَمَادَتْ لِسِنِّ الْيَأْسِ م ر. (قَوْلُهُ: كَنَسَبٍ) أَيْ: مَحَلِّ كَوْنِهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي وَضْعِ الْحَمْلِ بِالنِّسْبَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِ الْوَلَدِ يُنْسَبُ لِلزَّوْجِ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى وِلَادَتِهَا، فَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِلْإِمْكَانِ لَحِقَهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِنَفْيِهِ، لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا سَلَّمَ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ وَهَذَا فِيمَا لَوْ أَنْكَرَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِيلَادٍ) مُرَادُهُ إفَادَةُ حُكْمِ الِاسْتِيلَادِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا الْكَلَامُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَيْ: لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، وَلَمْ يُصَدِّقْهَا، فَلَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُحَقَّقٌ فَلَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ بِشُبْهَةٍ فَتُصَدَّقُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَا تُصَدَّقُ فِي الِاسْتِيلَادِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَالْعُقْمِ فِي الْعَقِيمَةِ وَكَقُرْبِ زَمَنِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) هُوَ وَاضِحٌ فِي الْآيِسَةِ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ بِلَا يَمِينٍ ح ل

الصفحة 42