كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

وَغَيْرِهِمَا (الْأَقْرَبُ) فَالْأَقْرَبُ كَمَا فِي النَّسَبِ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَقَوْلِي وَلِعَصَبَتِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ثَمَّ لِعَصَبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ وَلَاءَ الْعَصَبَةِ ثَابِتٌ لَهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ، وَالْمُتَأَخِّرُ لَهُمْ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ فَوَائِدُهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْفَرَائِضِ حُكْمُ إرْثِ الْمَرْأَةِ بِالْوَلَاءِ مَعَ بَيَانِ مَنْ تَرِثُ مِنْهُ بِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِي لَهُ وَلِعَصَبَتِهِ مُعْتِقُ أَحَدِ أُصُولِهِ وَعَصَبَتِهِ فَلَا وَلَاءَ لَهُمَا عَلَيْهِ كَأَنْ وَلَدَتْ رَقِيقَةٌ رَقِيقًا مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حُرٍّ وَأَعْتَقَ الْوَلَدَ مَالِكُهُ وَأَعْتَقَ أَبَوَيْهِ أَوْ أُمَّهُ مَالِكُهُمْ

(وَوَلَاءُ وَلَدِ عَتِيقَةٍ مِنْ عَبْدٍ لِمَوْلَاهَا) ؛ لِأَنَّهُ عَتِيقُ مُعْتِقِهَا (فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ انْجَرَّ) الْوَلَاءُ مِنْ مَوْلَاهَا (لِمَوْلَاهُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ بَطَلَ وَلَاءُ مَوْلَاهَا وَثَبَتَ لِمَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ فَرْعُ النَّسَبِ وَالنَّسَبُ مُعْتَبَرٌ بِالْأَبِ وَإِنْ عَلَا وَإِنَّمَا ثَبَتَ لِمَوَالِي الْأُمِّ لِضَرُورَةِ رِقِّ الْأَبِ وَقَدْ زَالَتْ بِعِتْقِهِ (أَوْ) عَتَقَ (الْأَبُ بَعْدَ) عِتْقِ (الْجَدِّ انْجَرَّ) مِنْ مَوْلَى الْجَدِّ (لِمَوْلَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْجَرَّ لِمَوْلَى الْجَدِّ لِضَرُورَةِ رِقِّ الْأَبِ، وَالْأَبُ أَقْوَى فِي النَّسَبِ وَقَدْ زَالَتْ الضَّرُورَةُ بِعِتْقِهِ

(وَلَوْ مَلَكَ هَذَا الْوَلَدُ) الَّذِي وَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ (أَبَاهُ جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ) لِأَبِيهِ مِنْ مَوْلَى أُمِّهِمْ (إلَيْهِ) أَمَّا وَلَاءُ نَفْسِهِ فَلَا يَجُرُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَاءٌ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ أَوْ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَأَخَذَ النُّجُومَ كَانَ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا مِنْ الْعَصَبَاتِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَوِلَايَةِ الْقَوَدِ وَتَحَمُّلِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ) أَيْ تَشَابُهٌ وَاخْتِلَاطٌ كَمَا تُخَالِطُ اللُّحْمَةُ سُدَى الثَّوْبِ حَتَّى يَصِيرَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُدَاخَلَةِ الشَّدِيدَةِ وَفِي الْمُخْتَارِ اللُّحْمَةُ بِالضَّمِّ الْقَرَابَةُ وَلَحُمَةُ الثَّوْبِ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثَابِتٌ لَهُمْ فِي حَيَاةِ الْعِتْقِ) وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ مَثَلًا الْمُعْتِقُ انْتَقَلَتْ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ عَصَبَتِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَالْعَتِيقُ وَالْعَاصِبُ مُسْلِمَيْنِ فَإِذَا مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ الْعَاصِبُ الْمُسْلِمُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا وَالْعَتِيقُ نَصْرَانِيًّا وَيَمُوتُ الْعَتِيقُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ وَلَهُ بَنُونَ نَصَارَى فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ شَرْحُ الْفُصُولِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ فَوَائِدُهُ) فَالْمُنْتَقِلُ إلَيْهِمْ الْإِرْثُ بِهِ لَا إرْثُهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ كَمَا أَنَّ نَسَبَ الْإِنْسَانِ لَا يَنْتَقِلُ بِمَوْتِهِ وَسَبَبُهُ أَنَّ نِعْمَةَ الْوَلَاءِ لَا تَخْتَصُّ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا الْوَلَاءُ لَا يُورَثُ بَلْ يُورَثُ بِهِ م ر.
(قَوْلُهُ: مَنْ تَرِثُ مِنْهُ) أَيْ مَعَ بَيَانِ الشَّخْصِ الَّذِي تَرِثُ مِنْهُ بِالْوَلَاءِ وَهُوَ الْعَتِيقُ وَالْمُنْتَمِي إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ وَعِبَارَتُهُ فِيمَا مَرَّ وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا عَتِيقَهَا أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَتَقَدَّمَ إلَخْ الِاعْتِذَارُ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ هَذَا فِي الْمَتْنِ هُنَا مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُ هُنَا. وَحَاصِلُ الِاعْتِذَارِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فَلَوْ ذَكَرَهُ لَوَقَعَ فِي التَّكْرَارِ كَمَا وَقَعَ فِيهِ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: أَحَدِ أُصُولِهِ) أَيْ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: وَعَصَبَتُهُ) بِالرَّفْعِ وَقَوْلُهُ: فَلَا وَلَاءَ لَهُمَا أَيْ لِمُعْتِقِ أَحَدِ الْأُصُولِ وَلِعَصَبَتِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ رَقِيقٍ) اُنْظُرْ هَلْ الْوَلَدُ فِي هَذِهِ لِمَالِكِ الْأُمِّ أَمْ لِمَالِكِ الْأَبِ؟ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَأَعْتَقَ الْوَلَدُ) الظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَالِكُ عَبْدُ الْبَرِّ وَصَوَّرَهَا ع ش بِأَنْ يُزَوِّجَ شَخْصٌ أَمَتَهُ فَتَأْتِي بِوَلَدٍ ثُمَّ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهَا ثُمَّ يَبِيعُ الْأَمَةَ فَيُعْتِقُهَا مُشْتَرِيهَا فَالْوَلَاءُ عَلَى الْوَلَدِ لِمُعْتِقِهِ لَا لِمُعْتِقِ الْأَمَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَبَوَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَمَةٍ أَيْ إذَا كَانَتْ هِيَ الرَّقِيقَةُ فَقَطْ قَالَ سم أَيْ فَلَا وَلَاءَ عَلَى ذَلِكَ الْوَلَدِ لِمُعْتِقِ أَبَوَيْهِ أَوْ أُمِّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَالِكُهُمْ) فِيهِ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَلَا يَظْهَرُ ضَمِيرُ الْجَمْعِ

(قَوْلُهُ: مِنْ عَبْدٍ) صِفَةٌ لِوَلَدٍ أَيْ كَائِنٍ مِنْ عَبْدٍ كَأَنْ زَوَّجَ شَخْصٌ أَمَتَهُ لِعَبْدٍ آخَرَ ثُمَّ حَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَإِنَّ الْحَمْلَ يَتْبَعُهَا وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهَا لَا لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَهَا وَزَوَّجَهَا لِعَبْدٍ آخَرَ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ حُرًّا تَبَعًا لِأُمِّهِ وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ الْأَمَةِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَيْ الْوَلَدَ عَتِيقُ مُعْتِقِهَا أَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي عِتْقِهِ بِعِتْقِ أُمِّهِ فَكَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ ع ش.
وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ عَبْدِ الْحُرِّ الْمُتَزَوِّجِ عَتِيقَةً فَلَا وَلَاءَ عَلَى أَوْلَادِهَا مِنْهُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ عَبْدُ الْبَرِّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِمَوْلَاهَا) أَيْ مُعْتِقِهَا (قَوْلُهُ: لِمَوْلَاهُ) أَيْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ بَطَلَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى انْجِرَارِ الْوَلَاءِ أَنَّهُ يَنْعَطِفُ عَلَى مَا قَبْلَ عِتْقِ الْمُنْجَرِّ إلَيْهِ حَتَّى يَسْتَرِدَّ بِهِ مِيرَاثَ مَنْ انْجَرَّ عَنْهُ بَلْ مَعْنَاهُ انْعِطَافُهُ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ عَمَّنْ انْجَرَّ عَنْهُ عَبْدُ الْبَرِّ وز ي فَمَعْنَى بُطْلَانِهِ انْقِطَاعُهُ. (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ لِمَوْلَاهُ) وَيَسْتَقِرُّ فَلَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ عِنْدَ فَقْدِ جَمِيعِ مَوَالِي الْأَبِ بَلْ يَنْتَقِلُ الْإِرْثُ لِبَيْتِ الْمَالِ عَبْدُ الْبَرِّ وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ لَوْ انْقَرَضَ مَوَالِي الْأَبِ لَمْ يَعُدْ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ وَلَا إلَى مَوَالِي الْأُمِّ بَلْ يَرْجِعُ لِبَيْتِ الْمَالِ سم، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: هَذَا الْوَلَدُ) أَيْ الَّذِي مِنْ الْعَبْدِ وَالْعَتِيقَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى نَفْسِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ أُمِّهِ أَوْ عَتِيقَةٍ أُخْرَى شَرْحُ م ر وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَتِيقَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِخْوَةِ كَوْنُهُمْ أَشِقَّاءَ بَلْ مَتَى كَانَ عَلَى إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ وَلَاءٌ انْجَرَّ مِنْ مَوَالِيهِمْ إلَيْهِ.
وَيُصَرَّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ انْجَرَّ وَلَاءُ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ تَصْدُقُ بِالْأَشِقَّاءِ وَالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَحْدَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَاءٌ) وَإِذَا تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ فَيَبْقَى مَوْضِعُهُ شَرْحُ الْبَهْجَةِ أَيْ فَيَبْقَى لِمَوَالِي الْأُمِّ.

الصفحة 422