كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

مَهْرُ مِثْلٍ) وَإِنْ رَاجَعَ بَعْدَهُ لِأَنَّهَا فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ كَالْبَائِنِ فَكَذَا فِي الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي الرِّدَّةِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ، وَالرَّجْعَةُ لَا تُزِيلُ أَثَرَ الطَّلَاقِ

. (وَصَحَّ ظِهَارٌ وَإِيلَاءٌ وَلِعَانٌ) مِنْهَا لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ، لَكِنْ لَا حُكْمَ لِلْأَوَّلَيْنِ حَتَّى يُرَاجِعَ بَعْدَهُمَا كَمَا سَيَأْتِيَانِ فِي بَابَيْهِمَا، وَتَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهَا، وَأَنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ، وَالْأَصْلُ كَغَيْرِهِ جَمْعُ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ هُنَا، وَإِنْ ذَكَرُوا تَيْنِكَ فِي الطَّلَاقِ أَيْضًا لِلْإِشَارَةِ إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ: آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ

. (وَلَوْ ادَّعَى رَجْعَةً، وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) ، وَأَنْكَرَتْ (حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا (أَوْ) ادَّعَى رَجْعَةً فِيهَا وَهِيَ (مُنْقَضِيَةٌ) بِقَيْدٍ زِدْتَهُ بِقَوْلِي: (وَلَمْ تُنْكَحْ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: رَاجَعْت قَبْلَهُ فَقَالَتْ: بَلْ بَعْدَهُ (حَلَفَتْ) أَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ رَاجَعَ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَتُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ إلَى مَا بَعْدَهُ (أَوْ) عَلَى (وَقْتِ الرَّجْعَةِ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَالَتْ: انْقَضَتْ قَبْلَهُ، وَقَالَ: بَلْ بَعْدَهُ (حَلَفَ) أَنَّهَا مَا انْقَضَتْ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَائِهَا إلَى مَا بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ، بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ سَابِقَةٌ، وَاقْتَصَرَتْ عَلَى أَنَّ الِانْقِضَاءَ سَابِقٌ (حَلَفَ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى) أَنَّ مُدَّعَاهُ سَابِقٌ، وَسَقَطَتْ دَعْوَى الْمَسْبُوقِ لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الزَّوْجَةَ إنْ سَبَقَتْ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الِانْقِضَاءِ، وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَإِنْ سَبَقَ الزَّوْجُ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّجْعَةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ م ر وحج وز ي، وَنَازَعَ فِيهِ سم وع ش، وَاعْتَمَدَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْفَاعِلِ وَالْقَاضِي مَعًا، وَإِنَّمَا عَزَّرَ الشَّافِعِيُّ الْحَنَفِيَّ الشَّارِبَ لِلنَّبِيذِ مَعَ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ؛ لِأَنَّ أَدِلَّتَهُ ضَعِيفَةٌ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ: مَهْرُ بِكْرٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَمَهْرُ ثَيِّبٍ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا ق ل وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَتْ بِالتَّحْرِيمِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا زَوْجَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِتَزَلْزُلِ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ مَا لَمْ يَدْفَعْ مَهْرَ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْوَطْءِ الثَّانِي ح ل، وَعِبَارَةُ م ر. لَا يُقَالُ: الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ، فَإِيجَابُ مَهْرِ ثَانٍ يَسْتَلْزِمُ إيجَابَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِمَهْرَيْنِ، وَأَنَّهُ مُحَالٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَتْ زَوْجَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِتَزَلْزُلِ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ فَكَانَ مُوجِبُهُ الشُّبْهَةَ لَا الْعَقْدَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَاجَعَ) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ إذَا رَاجَعَ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ) وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ وَالْقَتْلُ وَغَيْرُهُمَا، فَكَأَنَّ الْفِرَاقَ بَاقٍ بِحَالِهِ وَلَمْ يَخْتَلَّ فَلَا مَهْرَ، وَقَوْلُهُ: لَا تُزِيلُ أَثَرَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ حُسْبَانُ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَيْ: بَلْ هُوَ مَحْسُوبٌ مِنْهَا وَالرَّجْعَةُ لَا تُزِيلُهُ، فَالْفِرَاشُ اخْتَلَّ حَقِيقَةً بِالطَّلَاقِ وَصَارَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَوَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: تِينَك) أَيْ: مَسْأَلَتَيْ الطَّلَاقِ وَالتَّوَارُثِ، وَقَوْلُهُ: لِلْإِشَارَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: جَمْعٌ (قَوْلُهُ: فِي خَمْسِ آيَاتٍ) أَيْ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْخَمْسِ آيَاتٍ لِلزَّوْجَةِ، وَالرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّ حُكْمَهَا شَامِلٌ لَهَا، وَالْأُولَى مِنْ الْخَمْسِ هِيَ: قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] ، وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] ، وَالرَّابِعَةُ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] وَالْخَامِسَةُ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: 232] فَهَذِهِ الْخَمْسُ آيَاتٍ تَشْمَلُ الزَّوْجَةَ، وَالرَّجْعِيَّةَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْ آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ) أَيْ: لَا مُطْلَقِ آيَاتٍ ح ل

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى رَجْعَةً إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَشْمَلُ مَا لَوْ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَحِينَئِذٍ لَا مَهْرَ، وَقَدْ يُقَالُ: يُصَدَّقُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمَهْرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ ح ل. (قَوْلُهُ: لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا) وَهَلْ دَعْوَاهُ إنْشَاءٌ لَهَا أَوْ إقْرَارٌ بِهَا وَجْهَانِ رَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ الْأَوَّلَ وَالْأَذْرَعِيُّ الثَّانِيَ، وَقَالَ الْإِمَامُ لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ) أَيْ: الْوَقْتِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ لَوْلَا الرَّجْعَةُ شَوْبَرِيٌّ، وَإِلَّا فَدَعْوَى الزَّوْجِ الرَّجْعَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مَانِعٌ مِنْ إرَادَةِ حَقِيقَةِ الِانْقِضَاءِ سم. (قَوْلُهُ: إنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ) أَيْ: لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، لِأَنَّ الرَّجْعَةَ فِعْلُ الزَّوْجِ، وَالْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ فِي النَّفْيِ يَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْفِعْلِ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَنَّ مُدَّعَاهُ) كَأَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ أَيْ: الرَّجْعَةُ سَابِقَةٌ عَلَى الِانْقِضَاءِ، وَهِيَ بِالْعَكْسِ. (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ: وُجُوبُ تَصْدِيقِهِ فَيُلْغِي قَوْلَ الْمَسْبُوقِ، وَقَدْ يُقَالُ: لِمَ يَسْتَقِرُّ الْحُكْمُ بِقَوْلِ السَّابِقِ بِمُجَرَّدِ سَبْقِهِ مِنْ غَيْرِ جَوَابِ خَصْمِهِ بِإِقْرَارِ أَوْ إنْكَارٍ؟ ، وَكَيْفَ يَسُوغُ لَهُ تَحْلِيفُهُ قَبْلَ حُضُورِ خَصْمِهِ؟ ، وَجَوَابُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمُ بِقَوْلِ السَّابِقِ بَعْدَ حُضُورِ خَصْمِهِ وَإِنْكَارِهِ؛ لِاتِّفَاقِهِمَا حِينَئِذٍ عَلَى مُدَّعَاهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الزَّوْجَةَ إلَخْ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: لِأَنَّهَا لَمَّا سَبَقَتْ بِادِّعَائِهَا أَيْ: الِانْقِضَاءَ وَجَبَ تَصْدِيقُهَا لِقَبُولِ قَوْلِهَا فِيهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَوَقَعَ قَوْلُهُ: لَغْوًا، وَإِنْ سَبَقَ الزَّوْجُ بِادِّعَائِهَا أَيْ: الرَّجْعَةَ وَجَبَ تَصْدِيقُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا فَصَحَّتْ ظَاهِرًا فَوَقَعَ قَوْلُهَا لَغْوًا.
(قَوْلُهُ: فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الِانْقِضَاءِ) أَيْ: عَلَى كَوْنِهَا مُنْقَضِيَةً، وَقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ أَيْ: فِي صِحَّتِهَا، وَإِلَّا فَأَصْلُ الرَّجْعَةِ مَوْجُودٌ، وَهَذَا رُبَّمَا يُعَارَضُ بِالْمِثْلِ فَيُقَالُ: وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّجْعَةِ أَيْ: عَلَى وُجُودِ صِيغَتِهَا

الصفحة 44