كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

مِنْ انْعِقَادِهَا وَقُيِّدَتْ الْمُدَّةُ بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْبِرُ عَنْ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ) أَيْ بِالْإِيلَاءِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَذَلِكَ إمَّا (صَرِيحٌ كَتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: تَغْيِيبُ ذَكَرٍ (بِفَرْجٍ وَوَطْءٍ وَجِمَاعٍ) وَنَيْكٍ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُغَيِّبُ حَشَفَتِي بِفَرْجِكِ أَوْ لَا أَطَؤُكِ أَوْ لَا أُجَامِعُك أَوْ لَا أَنِيكُك لِاشْتِهَارِهَا فِي مَعْنَى الْوَطْءِ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِالْوَطْءِ الْوَطْءَ بِالْقَدَمِ وَبِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعَ لَمْ يُقْبَلْ فِي الظَّاهِرِ وَيُدَيَّنُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُدَيَّنُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَالَ: أَرَدْت بِالْفَرْجِ الدُّبُرَ وَلَا تَدْيِينَ فِي النَّيْكِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَالْحَاوِي (أَوْ كِنَايَةٌ كَمُلَامَسَةٍ وَمُبَاضَعَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ) وَإِتْيَانٍ وَغَشَيَانٍ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُلَامِسُكِ أَوْ لَا أُبَاضِعُكِ أَوْ لَا أُبَاشِرُكِ أَوْ لَا آتِيكِ أَوْ لَا أَغْشَاكِ فَيَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الْوَطْءِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِيهِ.

(وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ) بِمَوْتٍ أَوْ بَيْعٍ لَازِمٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (زَالَ الْإِيلَاءُ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ فَلَوْ عَادَ إلَى مِلْكِهِ لَمْ يَعُدْ الْإِيلَاءُ (أَوْ) قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي (حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَكَانَ) قَدْ (ظَاهَرَ) وَعَادَ (فَمُولٍ) لِأَنَّهُ وَإِنْ لَزِمَهُ عِتْقٌ عَنْ الظِّهَارِ فَعَتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدُ، وَتَعْجِيلُ عِتْقِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مُوجَبِ الظِّهَارِ الْتَزَمَهَا بِالْوَطْءِ فَإِذَا وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا فَعَتَقَ الْعَبْدُ عَنْ ظِهَارِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهَرَ (حُكِمَ بِهِمَا) أَيْ بِظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ (ظَاهِرًا) لَا بَاطِنًا لِإِقْرَارِهِ بِالظِّهَارِ، وَإِذَا وَطِئَ عَتَقَ الْعَبْدُ عَنْ الظِّهَارِ (أَوْ) قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ (عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْت فَمُولٍ إنْ ظَاهَرَ) وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الظِّهَارِ لِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالظِّهَارِ مَعَ الْوَطْءِ، فَإِذَا ظَاهَرَ صَارَ مُولِيًا وَإِذَا وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا عَتَقَ الْعَبْدُ؛ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُفِيدَ لَهُ سَبَقَ الظِّهَارَ، وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الظِّهَارِ بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَتَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ بِشَرْطَيْنِ بِغَيْرِ عَطْفٍ فَإِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ انْعِقَادِهَا) أَيْ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ.

. (قَوْلُهُ كَتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) أَيْ: مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ صَرِيحَةٌ أَيْضًا فِي نَحْوِ وَاَللَّهِ لَا يَكُونُ مِنِّي تَغْيِيبُ حَشَفَتِي فِي فَرْجِك أَوْ لَا يَقَعُ مِنِّي جِمَاعٌ أَوْ نَيْكٌ لَكِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا تَدْيِينَ فِي النَّيْكِ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت النَّيْكَ بِالْأُصْبُعِ أَوْ فِي الْأُذُنِ وَنَحْوِهَا نَعَمْ لَوْ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ النَّيْكَ فِي الدُّبُرِ دُيِّنَ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا أَغْشَاكِ) أَيْ: لَا أَطَؤُك قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا} [الأعراف: 189] .

. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هَذِهِ فُرُوعٌ سَبْعَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالصِّيغَةِ. (قَوْلُهُ: فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ) أَوْ عَنْ بَعْضِهِ ح ل وَفِي ع ش أَيْ: عَنْ كُلِّهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعٍ لَازِمٍ) أَيْ: مِنْ جِهَتِهِ ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَزِمَهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْتِزَامُهُ الْعِتْقَ لَا يَضُرُّهُ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَيْ: بِخُصُوصِهِ وَقَوْلُهُ زِيَادَةً إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِالظِّهَارِ السَّابِقِ عَبْدٌ مُبْهَمٌ ح ف. (قَوْلُهُ: لَا بَاطِنًا) أَيْ: فَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ بَاطِنًا وَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ عِتْقَهُ عَنْ الظِّهَارِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: عَتَقَ الْعَبْدُ عَنْ الظِّهَارِ) أَيْ وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ. (قَوْلُهُ: فَمُولٍ إنْ ظَاهَرَ) أَيْ: قَبْلَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ الْعِتْقِ شَوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا ظَاهَرَ إلَخْ) ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَهَذَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ تَقَدُّمِ الظِّهَارِ ثُمَّ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) فَيَكُونُ قَوْلُهُ: عَنْ ظِهَارِي لَغْوًا، فَإِنْ ظَاهَرَ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ لِلظِّهَارِ وَقَوْلُهُ: بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ كَمَا إذَا قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَكَانَ قَدْ ظَاهَرَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: الْمُفِيدَ لَهُ) أَيْ لِلتَّعْلِيقِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَهُ أَيْ: الظِّهَارِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) غَرَضُهُ بِنَقْلِ كَلَامِهِ تَقْيِيدُ الْمَتْنِ وَحَاصِلُهُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: فَمُولٍ إنْ ظَاهَرَ مَحَلَّهُ إذَا أَرَادَ الْمُعَلِّقُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الشَّرْطُ الثَّانِي وَهُوَ الظِّهَارُ تَعَلَّقَ الْعِتْقُ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَيْ: قَصَدَ أَنَّ الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ عَلَى وَطْءٍ مَسْبُوقٍ بِظِهَارٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ تَعَلَّقَ الْعِتْقُ بِالثَّانِي أَيْ: قَصَدَ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ عَلَى وَطْءٍ مَتْبُوعٍ بِظِهَارٍ فَلَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُولِيًا إذَا ظَاهَرَ قَبْلَ الْوَطْءِ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ تَوَسَّطَ إلَخْ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ اسْتِيفَاءً لِعِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ وَتَوْطِئَةً لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ تَأَمَّلْ.
فَقَوْلُ الْمَتْنِ إنْ ظَاهَرَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدَيْنِ بِأَنْ يُقَالَ أَيْ: قَبْلَ الْوَطْءِ وَأَرَادَ الْمُعَلِّقُ هَذَا الْمَعْنَى أَيْ: الْقَبْلِيَّةَ، وَيَلْزَمُ مِنْ إرَادَتِهِ أَنْ تَسْهُلَ مُرَاجَعَتُهُ فَهُوَ قَيْدٌ ثَالِثٌ لِلْمَتْنِ يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِ فَمُولٍ إنْ ظَاهَرَ أَنْ تَتَيَسَّرَ مُرَاجَعَةُ الْمُعَلِّقِ وَأَنْ يَنْوِيَ أَنَّ الظِّهَارَ يَحْصُلُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَأَنْ يَقَعَ فِي الْخَارِجِ كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ كُلِّهِ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ الْآتِي وَإِنْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا إلَخْ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُظَاهِرْ قَبْلَ الْوَطْءِ بَلْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يُظَاهِرْ أَصْلًا أَوْ لَمْ تَتَيَسَّرْ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ قَالَ مَا أَرَدْت شَيْئًا فَلَا أَيْ: فَلَا يَكُونُ مُولِيًا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ عَطْفٍ) وَكَذَا لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ وَإِنْ كَانَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا) كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ إنْ دَخَلْتِ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُمَا كَقَوْلِهِ إنْ كَلَّمْت إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ فِي الْبَهْجَةِ: فَطَالِقٌ إنْ كَلَّمَتْ إنْ دَخَلَتْ إنْ أَوَّلًا بَعْدَ أَخِيرٍ فَعَلَتْ.

الصفحة 48