كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ، وَشُمُولُ الرِّدَّةِ لِمَا بَعْدَ الْمُدَّةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَمَانِعُ وَطْءٍ بِهَا) أَيْ بِالزَّوْجَةِ (حِسِّيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ غَيْرِ نَحْوِ حَيْضٍ) كَنِفَاسٍ وَذَلِكَ (كَمَرَضٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ وَتَلَبُّسٍ بِفَرْضٍ نَحْوِ صَوْمٍ) كَاعْتِكَافٍ وَإِحْرَامٍ فَرْضَيْنِ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَعَهُ بِمَانِعٍ مِنْ قِبَلِهَا. (وَتُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ بِزَوَالِهِ) أَيْ الْقَاطِعِ وَلَا تُبْنَى عَلَى مَا مَضَى لِانْتِفَاءِ التَّوَالِي الْمُعْتَبَرِ فِي حُصُولِ الْإِضْرَارِ، أَمَّا غَيْرُ الْمَانِعِ كَصَوْمِ نَفْلٍ، أَوْ الْمَانِعُ الْقَائِمُ بِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِهَا وَكَانَ نَحْوَ حَيْضٍ فَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَحْلِيلِهَا وَوَطْئِهَا فِي الْأُولَى وَالْمَانِعُ مِنْ قِبَلِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِعَدَمِ خُلُوِّ الْمُدَّةِ عَنْ الْحَيْضِ غَالِبًا فِي الثَّالِثَةِ، وَأُلْحِقَ بِهِ النِّفَاسُ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْمَانِعَ الشَّرْعِيَّ يَقْطَعُ الْمُدَّةَ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ مَضَتْ) أَيْ الْمُدَّةُ (وَلَمْ يَطَأْ وَلَا مَانِعَ بِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (طَالَبَتْهُ بِفِيئَةٍ) أَيْ رُجُوعٍ إلَى الْوَطْءِ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَفِ طَالَبَتْهُ (بِطَلَاقٍ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا) فَإِنَّ لَهَا مُطَالَبَتَهُ بِذَلِكَ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ مُطَالَبَتُهُ، لِأَنَّ التَّمَتُّعَ حَقُّهَا وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الْمُرَاهِقَةِ وَلَا يُطَالِبُ وَلِيُّهَا لِذَلِكَ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ مُطَالَبَتِهَا بِالْفِيئَةِ وَالطَّلَاقِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهَا: تَرَدُّدُ الطَّلَبِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي مَوْضِعٍ، وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ.

(وَالْفِيئَةُ) تَحْصُلُ (بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا (بِقُبُلٍ) فَلَا يَكْفِي تَغَيُّبُ مَا دُونَهَا بِهِ وَلَا تَغْيِيبُهَا بِدُبُرٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ حُرْمَةِ الثَّانِي لَا يُحَصِّلُ الْغَرَضَ وَلَا بُدَّ فِي الْبِكْرِ مِنْ إزَالَةِ بَكَارَتِهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ. أَمَّا إذَا كَانَ بِهَا مَانِعٌ كَحَيْضٍ وَمَرَضٍ وَصِغَرٍ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا؛ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ الْمَطْلُوبِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ (وَهُوَ طَبَعِيٌّ كَمَرَضٍ فَ) تُطَالِبُهُ (بِفِيئَةِ لِسَانٍ) بِأَنْ يَقُولَ إذَا قَدَرْت فِئْت (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَفِ طَالَبَهُ (بِطَلَاقٍ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ) وَصَوْمٍ وَاجِبٍ (فَ) تُطَالِبُهُ (بِطَلَاقٍ) ، لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُهُ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ.

(فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ إيلَاءَهُ بِهِ وَلَا بِالْقُبُلِ (لَمْ يُطَالَبْ) لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ (فَإِنْ أَبَاهُمَا) أَيْ الْفِيئَةَ وَالطَّلَاقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ مَعْنَى الْقَطْعِ عَدَمُ الْحُسْبَانِ لَا الِاسْتِثْنَاءِ تَأَمَّلْ ع ش. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ) الْأَوْلَى جَعْلُ الْوَاوِ لِلْحَالِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا لَمْ يُسْلِمْ فِي الْعِدَّةِ تَبِينُ بِالرِّدَّةِ فَلَا مَعْنَى لِعَدَمِ حُسْبَانِ مُدَّةِ الرِّدَّةِ مِنْ الْمُدَّةِ إذْ هَذِهِ الصُّورَةُ كَالَّتِي احْتَرَزَ عَنْهَا بِقَوْلِهِ بَعْدَ دُخُولٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَتَلَبُّسٍ بِفَرْضٍ نَحْوِ صَوْمٍ) أَيْ: وَلَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ قَضَاءً فَوْرِيًّا وَكَذَا قَضَاءٌ مُوَسَّعٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لحج وَالِاعْتِكَافُ الْوَاجِبُ كَذَلِكَ وَيُمْنَعُ الْإِحْرَامَ وَلَوْ نَفْلًا وَبِلَا إذْنٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُكَلَّفُ فِي نَحْوِ الصَّوْمِ الْوَطْءَ لَيْلًا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فَرْضَيْنِ) لَيْسَ قَيْدًا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، لِأَنَّ نَفْلَهُ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّوَالِي) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُوجَدُ فِيمَا إذَا طَرَأَتْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مَا مَنَعَهُ مِنْ الْوَطْءِ فَرْضًا كَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ مَنْذُورَيْنِ أَمْ لَا كَمَرَضٍ ع ش أَيْ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا أَوْ حِسِّيًّا. (قَوْلُهُ: مِنْ تَحْلِيلِهَا) أَيْ: إخْرَاجِهَا مِنْ الصَّوْمِ بِإِبْطَالِهِ وَعِبَارَةُ م ر وَلِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ وَطْئِهَا مَعَ نَحْوِ صَوْمِ النَّفْلِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: وَوَطْئِهَا مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَفِ) الْقِيَاسُ رَسْمُهُ بِالْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَاءَ يَفِيءُ فَآخِرُهُ هَمْزَةٌ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِأَنَّهُ سُكِّنَ أَوَّلًا قَبْلَ دُخُولِ الْجَازِمِ تَخْفِيفًا ثُمَّ حُذِفَتْ الْيَاءُ فَصَارَ يَفِيءُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ أُبْدِلَتْ يَاءً لِسُكُونِهَا بَعْدَ كَسْرَةٍ ثُمَّ أُدْخِلَ الْجَازِمُ وَنَزَلَتْ الْيَاءُ الْعَارِضَةُ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيَّةِ فَحُذِفَتْ لِلْجَازِمِ ع ش عَلَى م ر وَفِي نُسْخَةٍ إثْبَاتُ الْيَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا) أَيْ: بِسُكُوتِهَا عَنْ الْمُطَالَبَةِ أَوْ بِإِسْقَاطِهَا لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهَا مُطَالَبَتَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ مَا لَمْ تَنْتَهِ مُدَّةُ الْيَمِينِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ هُنَا كَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْعُنَّةِ وَالْعَيْبِ وَالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ بِالْحَرْفِ.
(قَوْلُهُ أَنَّهَا تَرَدُّدُ الطَّلَبِ بَيْنَهُمَا) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْفِيئَةُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ كَمَا ضَبَطَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَاسْتَفِدْهُ وَكَذَا قَالَ حَجّ بِكَسْرِ الْفَاءِ مَعَ الْمَدِّ، وَقَالَ م ر بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) أَيْ: مَعَ الِانْتِشَارِ كَالتَّحْلِيلِ وَإِنْ حَرُمَ الْوَطْءُ أَوْ كَانَ بِفِعْلِهَا فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ بِهِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ م ر وَسُمِّيَ الْوَطْءُ فِيئَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَاءَ إذَا رَجَعَ فَقَدْ رَجَعَ لِلْوَطْءِ بَعْدَ أَنْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَيْ: وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا وَكَذَا يُقَالُ فِيهَا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنَّمَا تَسْقُطُ مُطَالَبَتُهَا لَهُ فَقَطْ فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ كَامِلٌ حَنِثَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَغْيِيبُهَا بِدُبُرٍ) أَيْ: لَا تَحْصُلُ بِهِ فِيئَةٌ لَكِنْ تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ وَتُسْقِطُ الْمُطَالَبَةُ حِنْثَهُ بِهِ فَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ حُصُولِ الْفِيئَةِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ الْإِيلَاءِ تَعَيَّنَ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا فِي قُبُلِهَا وَبِمَا إذَا حَلَفَ وَلَمْ يُقَيِّدْ لَكِنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ أَوْ مُكْرَهًا فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فِي الْبِكْرِ) وَلَوْ غَوْرَاءَ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ طَبَعِيٌّ) إنْ كَانَ نِسْبَةً إلَى الطَّبِيعَةِ فَالْقِيَاسُ فَتْحُ الطَّاءِ وَالْبَاءِ وَإِنْ كَانَ إلَى الطَّبْعِ فَبِسُكُونِ الْبَاءِ مَعَ فَتْحِ الطَّاءِ شَوْبَرِيُّ وَقَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي النِّسْبَةِ إلَى فِعْلِيَّةٍ فِعْلِيٌّ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ
وَفِعْلِيٌّ فِي فَعِيلَةَ الْتُزِمْ
(قَوْلُهُ: كَإِحْرَامٍ) أَيْ: لَمْ يَقْرُبْ تَحَلُّلُهُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ وَأَمَّا إذَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَيُمْهَلُ إنْ

الصفحة 51