كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

بِعَزْلِ الْمَالِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَعْيِينُهَا بِأَنْ تُقَيَّدَ بِظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا قَتْلٍ وَظِهَارٍ وَأَعْتَقَ أَوْ صَامَ بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ وَقَعَ عَنْ إحْدَاهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْيِينُهَا فِي النِّيَّةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا فِي مُعْظَمِ خِصَالِهَا نَازِعَةٌ إلَى الْغَرَامَاتِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِأَصْلِ النِّيَّةِ، فَإِنْ عَيَّنَ فِيهَا وَأَخْطَأَ كَأَنْ نَوَى كَفَّارَةَ قَتْلٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ لَمْ يُجْزِهِ، وَالْكَافِرُ كَالْمُسْلِمِ فِي الْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ إلَّا أَنَّ نِيَّتَهُ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلتَّقَرُّبِ، وَيُمْكِنُ مِلْكُهُ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَأَنْ يُسْلِمَ عَبْدُهُ أَوْ عَبْدُ مَوْرُوثِهِ فَيَمْلِكَهُ أَوْ يَقُولُ لِمُسْلِمٍ اعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِي فَيُجِيبُهُ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ لِتَمَحُّضِهِ قُرْبَةً وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى الْإِطْعَامِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ وَهُوَ مُظَاهِرٌ مُوسِرٌ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءٌ لِذَلِكَ فَيَتْرُكُهُ أَوْ يُقَالُ لَهُ أَسْلِمْ ثُمَّ أَعْتِقْ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا.

(وَهِيَ) أَيْ الْكَفَّارَةُ (مُخَيَّرَةٌ فِي يَمِينٍ) (وَسَيَأْتِي) فِي الْأَيْمَانِ وَمِنْهَا إيلَاءٌ وَلِعَانٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَنَذْرُ لَجَاجٍ كَمَا هِيَ مَعْرُوفَةٌ فِي مَحَالِّهَا (وَمُرَتَّبَةٌ فِي ظِهَارٍ وَجِمَاعٍ) فِي نَهَارِ رَمَضَانَ (وَقَتْلٍ وَخِصَالُهَا) أَيْ: كَفَّارَةِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثٌ: إعْتَاقٌ ثُمَّ صَوْمٌ ثُمَّ إطْعَامٌ عَلَى مَا بَيَّنْتهَا بِقَوْلِي (إعْتَاقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) فَلَا تُجْزِئُ كَافِرَةٌ قَالَ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَأُلْحِقَ بِهَا غَيْرُهَا قِيَاسًا عَلَيْهَا بِجَامِعِ حُرْمَةِ سَبَبَيْهِمَا عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] مِنْ الْقَتْلِ وَالْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ وَالظِّهَارِ أَوْ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] (بِلَا عِوَضٍ) فَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ كَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي إنْ أَعْطَيْتنِي أَوْ أَعْطَانِي زَيْدٌ كَذَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الصَّوْمِ فَيَنْوِي بِاللَّيْلِ ح ل.
(قَوْلُهُ: بِعَزْلِ الْمَالِ) بِأَنْ يَقْصِدَ أَنْ يُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ عَنْ الْكَفَّارَةِ، أَوْ يُطْعِمَ هَذَا الطَّعَامَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ أَوْ الْإِطْعَامِ كَوْنَ الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ مَثَلًا عَنْ الْكَفَّارَةِ اهـ. ح ل فَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالنِّيَّةِ هُنَا مُطْلَقَ الْقَصْدِ، وَإِلَّا فَعِنْدَ تَعْيِينِ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ لِلْكَفَّارَةِ لَا فِعْلَ حَتَّى تَقْتَرِنَ النِّيَّةُ بِهِ مَعَ أَنَّ حَقِيقَتَهَا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَزْلِ الْمَالِ التَّعْيِينُ. (قَوْلُهُ وَعُلِمَ) أَيْ: مِنْ التَّصْوِيرِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِأَنْ يَنْوِيَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مَثَلًا ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْ إحْدَاهُمَا) أَيْ: وَيَنْبَغِي لَهُ عَدَمُ جَوَازِ الْوَطْءِ حَتَّى يُعَيِّنَ كَوْنَهُ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فِي مُعْظَمِ خِصَالِهَا) هَلَّا قَالَ لِأَنَّ مُعْظَمَ خِصَالِهَا نَازِعٌ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ وَمَا مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ؟ (قَوْلُهُ: نَازِعَةٌ) أَيْ مَائِلَةٌ وَلَيْسَتْ غَرَامَةً لِأَنَّ الْغَرَامَةَ دَفْعُ الشَّيْءِ ظُلْمًا وَهَذِهِ أَوْجَبَهَا الشَّارِعُ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ فِيهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا لَمْ يُجْزِهِ وَإِنَّمَا صَحَّ فِي نَظِيرِهِ فِي الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى رَفْعَ الْمَانِعِ الشَّامِلِ لِمَا عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ وَيَقَعُ نَفْلًا فِي الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ وَالْإِطْعَامُ يُسْتَرَدُّ.
(قَوْلُهُ وَالْكَافِرُ كَالْمُسْلِمِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا حَتَّى يَتِمَّ الْكَلَامُ عَلَى الْأُمُورِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ التَّصْوِيرِ إذْ لَا عَلَاقَةَ لِهَذَا بِوَاحِدٍ مِنْهَا بِخُصُوصِهِ وَمَحَلُّ إلْزَامِ الْكَافِرِ بِالْتِزَامِهِ الْكَفَّارَةَ إذَا رُفِعَ إلَيْنَا. (قَوْلُهُ: فَيَمْلِكُهُ) أَيْ بِالْإِرْثِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّانِي. (قَوْلُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ أَوْ هَرَمٍ يَنْتَقِلُ لِلْإِطْعَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مُوسِرٌ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَعْسَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِالْإِسْلَامِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءٌ) الْمُنَاسِبُ لَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِقَالُ لِلْإِطْعَامِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ الْمَرَاتِبِ وَقَوْلُهُ: لِذَلِكَ أَيْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِعْتَاقِ بِالْإِسْلَامِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِالْإِسْلَامِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ، فَاسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِلْقُدْرَةِ بِدُونِ مُتَعَلِّقِهَا. (قَوْلُهُ: فَيَتْرُكُهُ) أَيْ وَيُمْنَعُ مِنْهُ إذَا رُفِعَ إلَيْنَا اهـ. ح ف. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَيْضًا) أَيْ: مِنْ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ قَالَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ فَرْضِ الْكَفَّارَةِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ التَّصْوِيرِ أُمُورٌ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا) فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً وَذَلِكَ فِي أُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى الْوَاطِئِ فِي رَمَضَانَ بِخِلَافِ الْمَوْطُوءِ قَالَ فِي الْإِيعَابِ نَعَمْ يَنْبَغِي نَدْبُ التَّكْفِيرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَفَّارَةٌ) الرَّاجِحُ وُجُوبُهَا فِي اللِّعَانِ عَلَى الْكَاذِبِ فِيهِ، وَهَلْ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ أَلْفَاظِهِ أَوْ تَجِبُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ الرَّاجِحُ التَّعَدُّدُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ جَرَى فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عَلَى وُجُوبِ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ح ل قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَفَّارَةٌ أَيْ فِي اللِّعَانِ بِأَنْ كَانَ صَادِقًا اهـ. وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَخْرِيجِ كَلَامِهِ عَلَى الْمَرْجُوحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَهَادَةٌ لَا يَمِينٌ لِأَنَّ التَّخْرِيجَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مِنْ الْيَمِينِ فَكَيْفَ يُخَرَّجُ عَلَى مُقَابِلِهِ؟ (قَوْلُهُ: وَنَذْرُ لَجَاجٍ) هُوَ فِي حُكْمِ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَخِصَالُهَا) أَيْ: خِصَالُ مَجْمُوعِهَا؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَهُ خَصْلَتَانِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا بَيَّنْتهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مُؤْمِنَةٍ) أَيْ: وَلَوْ بِإِيمَانِ أَحَدِ أَبَوَيْهَا أَوْ تَبَعًا لِلدَّارِ أَوْ السَّابِي كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهَا غَيْرُهَا) أَيْ: فِي التَّقْيِيدِ بِإِيمَانِ الرَّقَبَةِ. (قَوْلُهُ بِجَامِعِ حُرْمَةِ سَبَبَيْهِمَا) أَيْ: فِي ذَاتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ آيَةَ الْقَتْلِ وَارِدَةٌ فِي الْخَطَأِ وَلَا حُرْمَةَ فِيهِ عَلَى الْمُخْطِئِ قَالَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْوَرَقَاتِ وَبَسَطَهُ بِمَا يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ حَجّ بِجَامِعِ عَدَمِ الْإِذْنِ فِي السَّبَبِ وَفِي ع ن قَوْلُهُ: مِنْ الْقَتْلِ أَيْ: مِنْ حَيْثُ هُوَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْآيَةَ وَارِدَةٌ فِي الْخِطَابِ (قَوْلُهُ: وَالظِّهَارِ) أَيْ: مَعَ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَمْلًا إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ

الصفحة 58