كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 4)

قَصَدْت الطَّلَاقَ (فَلَوْ كَتَبَ) الزَّوْجُ (إذَا بَلَغَكِ كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِبُلُوغِهِ) لَهَا رِعَايَةً لِلشَّرْطِ، (أَوْ) كَتَبَ (إذَا قَرَأْت كِتَابِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَرَأَتْهُ أَوْ فَهِمَتْهُ) مُطَالِعَةً، وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ مِنْهُ (طَلُقَتْ) رِعَايَةً لِلشَّرْطِ فِي الْأُولَى؛ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي، وَنَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَ عُلَمَائِنَا عَلَيْهَا.
(وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهَا، وَهِيَ أُمِّيَّةٌ وَعَلِمَ) أَيْ: الزَّوْجُ (حَالَهَا) ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، وَقَدْ وُجِدَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ أُمِّيَّةٍ؛ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَالَهَا عَلَى الْأَقْرَبِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَقَوْلِي وَعَلِمَ حَالَهَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ زَوْجَةً) وَلَوْ رَجْعِيَّةً كَمَا سَيَأْتِي (فَتَطْلُق بِإِضَافَتِهِ) أَيْ: الطَّلَاقِ (لَهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّهُ حَقِيقَةً (أَوْ لِجُزْئِهَا الْمُتَّصِلِ بِهَا كَرُبُعٍ وَيَدٍ وَشَعْرٍ وَظُفْرٍ وَدَمٍ) وَسِنٍّ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ مِنْ الْجُزْءِ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ، وَوَجْهُ كَوْنِ الدَّمِ جُزْءًا أَنَّ بِهِ قِوَامُ الْبَدَنِ، وَخَرَجَ بِجُزْئِهَا إضَافَةُ الطَّلَاقِ لِفَضْلَتِهَا كَرِيقِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْحُكْمِ بِالْوُقُوعِ لَا لِلْوُقُوعِ وَقَوْلُهُ أَنْ يَكْتُب أَيْ: أَوْ يُشِيرَ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي النَّاطِقِ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَكْتُبَ إنِّي قَصَدْت الطَّلَاقَ. (قَوْلُهُ فَلَوْ كَتَبَ الزَّوْجُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَمَرَهُ غَيْرُهُ فَكَتَبَ وَنَوَى هُوَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ. ح ل؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ، وَالنِّيَّةُ مِنْ وَاحِدٍ كَمَا قَالَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَك) أَوْ أَتَاك أَوْ وَصَلَك، وَقَوْلُهُ: كِتَابِي لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ الْكِتَابُ أَوْ هَذَا الْكِتَابُ أَوْ كِتَابِي هَذَا ع ش.
(قَوْلُهُ: فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَكَذَا لَوْ كَتَبَ كِنَايَةً كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: بِبُلُوغِهِ) أَيْ: غَيْرَ مَمْحُوٍّ فَلَوْ انْمَحَى كُلُّهُ لَمْ تَطْلُقْ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ بَقِيَ أَثَرُهُ بَعْدَ الْمَحْوِ، وَأَمْكَنَ قِرَاءَتُهُ طَلُقَتْ، وَإِنْ وَصَلَ بَعْضُهُ فَإِنْ انْمَحَى أَوْ ضَاعَ مَوْضِعُ الطَّلَاقِ فَقَطْ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ السَّوَابِقُ، وَاللَّوَاحِقُ كَالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَتَبَ إذَا بَلَغَك نِصْفُ كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَبَلَغَهَا كُلُّهُ طَلُقَتْ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ كَتَبَ أَمَّا بَعْدُ: فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، وَإِنْ ادَّعَتْ وُصُولَ كِتَابِهِ بِالطَّلَاقِ فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ خَطُّهُ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا بِرُؤْيَةِ الشَّاهِدِ الْكِتَابَةَ، وَحِفْظِهِ أَيْ: الْكِتَابِ عِنْدَهُ لِوَقْتِ الشَّهَادَةِ زي.
(قَوْلُهُ: إذَا قَرَأْت كِتَابِي) أَيْ: الْمَقْصُودَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: فَقَرَأَتْهُ، وَإِنْ لَمْ تَفْهَمْهُ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ التَّعْلِيقِ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ بِذَلِكَ، وَتَعَلَّمَتْ الْقِرَاءَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لِقُدْرَتِهَا عَلَى مُقْتَضَى التَّعْلِيقِ، وَهُوَ قِرَاءَتُهَا بِنَفْسِهَا. وَنَحْنُ لَا نَكْتَفِي بِالْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ إلَّا حَيْثُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ. اهـ ح ل قَالَ م ر فَقَرَأَتْهُ أَيْ: قَرَأَتْ صِيغَةَ الطَّلَاقِ مِنْهُ، وَعِبَارَةُ زي حَتَّى لَوْ تَعَلَّمَتْ الْقِرَاءَةَ، وَقَرَأَتْهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ اعْتِبَارًا بِحَالِ التَّعْلِيقِ وُجُودًا وَعَدَمًا حَتَّى لَوْ قَالَ لِقَارِئِهِ: إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ عَمِيَتْ، وَقُرِئَ عَلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ نَظَرًا لِحَالِ التَّعْلِيقِ كَمَا تَقَدَّمَ هَذَا مَا تَحَرَّرَ فِي الدَّرْسِ. اهـ، وَمِثْلُهُ م ر، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ اعْتِبَارًا إلَخْ قَالَ ع ش: وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهَا إذَا قَرَأَتْهُ بِنَفْسِهَا طَلُقَتْ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْلِيقِ قِرَاءَةُ غَيْرِهَا لِلْعِلْمِ بِأُمِّيَّتِهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ التَّعَلُّقَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يُرَادُ مِنْهُ الْإِعْلَامُ لَا خُصُوصُ قِرَاءَةِ الْغَيْرِ. اهـ، فَتَلَخَّصَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً حَالَ التَّعْلِيقِ ثُمَّ تَعَلَّمَتْ، وَقَرَأَتْ الْكِتَابَةَ فِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فَعِنْدَ زي لَا يَقَعُ وَعِنْدَ ح ل يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهَا حَتَّى يَقَعَ، وَعِنْدَ ع ش يَقَعُ بِقِرَاءَتِهَا وَبِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَوْلُهُ: وَهِيَ أُمِّيَّةٌ أَيْ: وَاسْتَمَرَّتْ أُمِّيَّتُهَا إلَى بُلُوغِ الْكِتَابِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(قَوْلُهُ: وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فِي الثَّانِيَةِ) فِيهِ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لَا يُسَمَّى قِرَاءَةً؛ لِأَنَّهَا التَّلَفُّظُ بِاللِّسَانِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مُقْتَضَاهُ اشْتِرَاطُ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهَا فَلَوْ طَالَعَهُ وَفَهِمَهُ أَوْ قَرَأَهُ خَالِيًا، ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ إذْ الْغَرَضُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِيهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهِيَ أُمِّيَّةٌ) أَيْ: وَقْتَ التَّعْلِيقِ، وَإِنْ صَارَتْ قَارِئَةً وَقْتَ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهَا كَمَا فِي م ر

. (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ زَوْجَةً) أَيْ: أَنْ لَا تَكُونَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْ لَا تَكُونَ مَمْلُوكَةً ح ل، وَالْمُرَادُ كَوْنُهُ زَوْجَةً وَلَوْ حُكْمًا لِإِدْخَالِ الرَّجْعِيَّةِ الْمُعَاشَرَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنَّهُ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ كَمَا يَأْتِي، وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ شَامِلَةً لِزَوْجَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلِلزَّوْجَةِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ كَالْبَائِنِ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَكُونُ كَالْمَنْكُوحَةِ بَعْدَهُ احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ: بَعْدُ وَفِي الْوِلَايَةِ إلَخْ فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ وَلَوْ قَالَ: فِيمَا يَأْتِي كَوْنُ الْمَحَلِّ مِلْكًا لِلْمُطَلِّقِ حِينَ يُطَلِّقُ لَاسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الشَّرْطِ الَّذِي فِي الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلِ) الظَّاهِرِ أَوْ الْبَاطِنِ الْأَصْلِيِّ أَوْ الزَّائِدِ ح ل وَمِثْلُ الْجُزْءِ الرُّوحُ، وَكَذَا الْحَيَاةُ إنْ أَرَادَ بِهَا الرُّوحَ، وَإِلَّا فَلَا زي.
(قَوْلُهُ: وَشَعْرٍ) حَتَّى لَوْ أَشَارَ لِشَعْرَةٍ مِنْهَا بِالطَّلَاقِ طَلُقَتْ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر ثُمَّ الطَّلَاقُ فِي ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَسْرِي لِلْبَاقِي، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ فَفِي إنْ دَخَلْت فَيَمِينُك طَالِقٌ فَقَطَعَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ يَقَعُ عَلَى الثَّانِي فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْعِتْقِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يَحْصُلُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: قِوَامُ الْبَدَنِ) بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ أَيْ: بَقَاءَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَرِيقِهَا) وَمِثْلُ ذَلِكَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلَامُ وَالْعَقْلُ

الصفحة 9