كتاب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي (اسم الجزء: 4)

وَسَائِر المنتسبين وضيق على النَّاس بِحَيْثُ يحْكى أَن أحدهم تَأَخّر قَلِيلا عَن الْمَجِيء فَلَمَّا جَاءَ أَمر أَن يبْنى عَلَيْهِ فَبنِي وَاسْتمرّ قَبره جَوف الْبناء إِلَى يَوْم الْجَزَاء إِلَى غير ذَلِك من الظُّلم الشَّديد والجور العتيد وَبنى السُّور جَمِيعه فِي أقل من سنة وَكَانَ ظلوماً غشوماً أكولاً يَسْتَوْفِي الخروف مَعَ عدَّة أرغفة ونفائس لَهُ معدة وَاسْتمرّ حَاكما ب جدة إِلَى أَن تقوى بِالْمَالِ وتأثل وَجمع جُنُودا من كل صنف ثمَّ توجه إِلَى الْهِنْد سنة إِحْدَى وَعشْرين وَتِسْعمِائَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة وَقد انْقَضتْ دولة الشراكسة بِمصْر وملكها السُّلْطَان سليم خَان فورد حكم سلطاني إِلَى شرِيف مَكَّة بَرَكَات بن مُحَمَّد بن حسن بن عجلَان بقتل الْأَمِير حُسَيْن الْكرْدِي الْمَذْكُور وَكَانَ الشريف بَرَكَات هُوَ الْمُسْتَخْرج لذَلِك الحكم لعداوة سَابِقَة بَينه وَبَين حُسَيْن الْمَذْكُور فَأخذ مُقَيّدا إِلَى جدة وربط فِي رجله حجر كَبِير وغرق فِي بَحر جدة فِي مَوضِع يُقَال لَهُ أم السّمك فأكلته الأسماك بعد أَن كَانَ يعد من الْأَمْلَاك وَلما قتل الغوري وانكسرت عساكره هرب بَقِيَّة الشراكسة من السيوف إِلَى مصر وصيروا الدوادار الْكَبِير طومان باي سُلْطَانا فَتَوَلّى وَالسُّلْطَان سليم فِي إثرهم هم فِي الْهَرَب وَهُوَ من ورائهم للطلب فَأرْسل إِلَيْهِ السُّلْطَان سليم بعد أَن ملك حلب وَالشَّام وَمَا بَينهمَا من الْبِلَاد بقاصد وَكتب مَعَه كتبا يستميل بهَا خاطره ويستجلب بهَا قلبه ويعده بِكُل جميل إِن دخل فِي الطَّاعَة وكف الْقِتَال بَين الْمُسلمين فَلم يلْتَفت لشَيْء من ذَلِك بل قتل القاصد وَعين مَن يهجم فِي الْعَسْكَر والأمراء وسير من المماليك الْخَاصَّة أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة وَجمع من مَشَايِخ العربان مَا كمل بِهِ سَبْعَة آلَاف خيال وَسَارُوا جَمِيعًا إِلَى الْعَريش ثمَّ إِن السُّلْطَان سليم خَان أرسل إِلَى الْوَزير الْأَعْظَم سِنَان باشا بأَرْبعَة آلَاف خيال ليلحق من قدَّمه من الْعَسْكَر وهم أَلفَانِ عَلَيْهِم الْأَمِير مُحَمَّد بير بن عِيسَى وَقصد بتقدمتهم تمهيد الطَّرِيق فَلَمَّا خشِي عَلَيْهِم أتبعهم بالوزير الْمَذْكُور فأدركهم ب غَزَّة فَلَمَّا بلغ الشراكسة ذَلِك توقفوا عَن الْحَرْب لكِنهمْ سعوا فِي جمع النَّاس من الْقرى والنواحي فأقاموا فِي الْعَريش ثَلَاثَة أَيَّام فَجمع سِنَان باشا من مَعَه من الْأُمَرَاء والأعيان واستشارهم فِي الْمُقَاتلَة أَو الِانْتِظَار حَتَّى يرد السُّلْطَان فَأَجْمعُوا

الصفحة 65