كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 4)

قرأ الجمهور: «قِتَالٍ» بالجّرِّ، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدها: أنه خفضٌ على البدلش من «الشَّهْرِ» بدلِ الاشتمالِ؛ إذ القتالُ واقعٌ ف يه، فهو مشتملٌ عليه.
والثاني: أنه خفضٌ على التَّكرير، قال أبو البقاء: «يريدُ أنَّ التقديرَ: عَنْ قِتَالٍ فيه» . وهو معنى قول الفراء إِلاَّ أَنَّهُ قال: هُوَ مَخْفُوضٌ ب «عَنْ» مُضْمرَةً. وهذا ضعيفٌ جدّاً؛ لأنَّ حرف الجرَّ لا يبقى عملهُ بعد حذفه في الاختيار. وهذا لا ينبغي أن يُعَدَّ خلافاً بين البصريين، والكسائي، والفراءِ؛ لأنَّ البدل عند جمهور البصريين على نيَّة تكرار العامل، وهذا هو بعينه قولُ الكسائي.
وقوله: لأنَّ حرف الجرِّ لا يبقى عمله بعد حذفه إِنْ أراد في غير البدل، فمُسَلَّمٌ، وإن أراد في البدلِ، فممنوعٌ، وهذا هو الذي عناه الكسائي.
الثالث: قال أبو عبيدة: «إِنه خفضٌ على الجِوَارِ» .
قال أبو البقاء: «وهو أَبْعَدُ مِنْ قولهما - يعني الكسائيَّ والفراء - لأنَّ الجوار من
سورة ق
مكية، وهي خمس وأربعون آية، وثلاثمائة وسبع وخمسون كلمة، وألف وأربعمائة وأربعة وتسعون حرفا. بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: {ق} قال ابن عباس - (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما) - هو قَسَمٌ. وقيل: اسم السورة. وقيل اسم من أسماء القرآن. وقال القرطبي: هو مفتاح اسمه قدير، وقادر، وقاهر وقريب وقابض. وقال عكرمة والضحاك: هو جبل محيط بالأرض من زُمُرَّدَةٍ خَضْراءَ ومنه: خُضْرَةُ السماء. والسماء مَقْبِيَّةٌ عليه، وعليه كتفاها ويقال: هو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنةٍ. وقيل: معناه قضِي الأمر وقضي ما هو كائن، كما قالوا في حم (حم الأمر) ، وفي ص: صدق الله، وقيل هو اسم فاعل من قَفَا يَقْفُوهُ.
فصل
قال ابن الخطيب، لما حكى القول بأن «ق» اسم جبل محيط بالأرض عليه أطواق السماء قال: وهذا ضعيف لوجوه:

الصفحة 3