كتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب (اسم الجزء: 4)

عَلَيْهِ نَظَرٌ وَاحْتَرَزَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَرْعٌ لَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ عَلَى عَيْنِ شَخْصٍ) وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُسَجِّلَ لَهُ الْقَاضِي (جَازَ أَنْ يُسَجِّلَ لَهُ بِالْحِلْيَةِ) فَيَكْتُبُ حَضَرَ رَجُلٌ ذُكِرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَيْتُ وَكَيْتُ فَلَا يُسَجِّلُ بِالْعَيْنِ لِامْتِنَاعِهِ وَلَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ مَا لَمْ يَثْبُتَا وَلَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ الْمُدَّعِي وَلَا إقْرَارُ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ (فَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى اسْمِهِ وَنَسَبِهِ حِسْبَةً جَازَ وَسَجَّلَ بِهِمَا) بَعْدَ حُكْمِهِ بِهِمَا بِنَاءً عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ
(فَرْعٌ) لَوْ (شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهَا جَازَ) ذَلِكَ (فَإِنْ سَأَلَهُمَا الْحَاكِمُ هَلْ تَعْرِفَانِ عَيْنَهَا فَلَهُمَا أَنْ يَقُولَا لَا يَلْزَمُنَا الْجَوَابُ) عَنْ هَذَا وَلَهُمَا أَنْ يَسْكُتَا نَعَمْ إنْ كَانَا مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِمَا شُرُوطُ الْأَدَاءِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ يَلْزَمُهُمَا الْبَيَانُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَمِنْهُ النَّسَبُ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا مَدْخَلَ لِلرُّؤْيَةِ فِيهِ وَغَايَةُ الْمُمْكِنِ رُؤْيَةُ الْوِلَادَةِ عَلَى الْفِرَاشِ لَكِنْ النَّسَبُ إلَى الْأَجْدَادِ الْمُتَوَفِّينَ وَالْقَبَائِلِ الْقَدِيمَةِ لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اعْتِمَادِ الِاسْتِفَاضَةِ (وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ) قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ (وَصُورَتُهَا) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ فِي التَّحَمُّلِ (أَنْ يَسْمَعَهُ) أَيْ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودُ بِنَسَبِهِ (يُنْتَسَبُ إلَى الشَّخْصِ أَوْ الْقَبِيلَةِ وَالنَّاسُ يَنْسُبُونَهُ إلَى ذَلِكَ وَامْتَدَّ ذَلِكَ مُدَّةً) وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ امْتِدَادُهُ مُدَّةً بَلْ لَوْ سَمِعَ انْتِسَابَ الشَّخْصِ وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُرْتَابُ فِي صِدْقِهِمْ فَأَخْبَرُوهُ بِنَسَبِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ (وَلَا تُقَدَّرُ) الْمُدَّةُ (بِسَنَةٍ) بَلْ الْعِبْرَةُ بِمُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُكْتَفَى بِالِانْتِسَابِ وَنِسْبَةِ النَّاسِ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَارِضَ) هُمَا (مَا لَا يُوجِبُ) أَيْ يُوَرِّثُ (تُهْمَةً فَإِنْ أَنْكَرَهُ) أَيْ النَّسَبَ (الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ) بِهِ (وَكَذَا لَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي نَسَبِهِ) وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لِاخْتِلَالِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ (وَلَوْ سَمِعَهُ) الشَّاهِدُ (يَقُولُ) لِآخَرَ (هَذَا ابْنِي لِصَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَصَدَّقَهُ الْكَبِيرُ) أَوْ أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ (جَازَ) لَهُ (أَنْ يَشْهَدَ بِنَسَبِهِ. وَلَوْ سَكَتَ)
الْمَنْسُوبُ الْكَبِيرُ (جَازَ) لِلشَّاهِدِ (أَنْ يَشْهَدَ بِالْإِقْرَارِ) لَا بِالنَّسَبِ وَتَرْجِيحُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا تَخْصِيصُ الْأَوَّلِ بِالصَّغِيرِ وَتَصْدِيقُ الْكَبِيرِ وَالثَّانِي بِسُكُوتِ الْكَبِيرِ وَأَمَّا كَلَامُ أَصْلِهِ هُنَا فَحَاصِلُهُ أَنَّ كَثِيرِينَ جَوَّزُوا الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ عَلَى النَّسَبِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْسُوبُ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا وَصَدَّقَ أَوْ سَكَتَ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي النَّسَبِ كَالْإِقْرَارِ وَأَنَّ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَنْعُ وَإِنَّمَا يَشْهَدُ بِالْإِقْرَارِ قَالَ وَهَذَا قِيَاسٌ ظَاهِرٌ وَعَبَّرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ يَمِيلُ إلَيْهِ أَيْضًا لَكِنْ اخْتَارَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ الْأَوَّلَ وَالْأَوْجَهُ مَا جَوَّزَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي أَنَّ الرَّاجِحَ ثُبُوتُ النَّسَبِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ حَالَ السُّكُوتِ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ أَصْلُهُ هُنَا كَمَا رَأَيْت فَيُخَالِفُ عَكْسَهُ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي جَرَى هُوَ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَضَيْتَهُ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت فَيَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِهِ بِهِ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ قُلْت لَا نُسَلِّمُ لِجَوَازِ أَنْ يُصَدِّقَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّظَرُ وَهُوَ يَسْتَبْعِدُ تَذَكُّرَهَا إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ وَهَذَا وَاضِحٌ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ ر.
(قَوْلُهُ جَازَ أَنْ يُسَجِّلَ بِالْحِلْيَةِ) التَّسْجِيلُ بِالْحِلْيَةِ مُشْكِلٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّذَكُّرَ عِنْدَ حُضُورِهِمَا فَصَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ الْمُكَاتَبَةَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إذَا غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ وَيُقَابِلُ حِلْيَتَهُ بِهِ وَيُلْزِمُهُ بِهِ إنْ أَنْكَرَ فَفِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ قُلْت وَكَذَا إنْ كَانَ الْغَرَضُ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ ثَانِيًا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالدَّفْنِ وَتَنْزِيلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يَأْبَاهُ كَلَامُهُمْ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْحِلْيَةَ فِي الْمَجْهُولِ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ كَالْمَعْرُوفِ لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ التَّحَفُّظِ فِي الشَّهَادَةِ إنَّ تَحْلِيَةَ الشُّهُودِ يَرُدُّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا قَالَ قَوْمٌ تَجِبُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ آخَرُونَ يَمْنَعُ مِنْهُ لِأَنَّ الْحُلِيَّ قَدْ تَشْتَبِهُ وَقَالَ الْجُمْهُورُ هِيَ اسْتِظْهَارُ بَاعِثٍ عَلَى التَّذَكُّرِ كَالْخَطِّ وَالْقَبَالَةِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّعْوِيلِ عَلَيْهِ فِي. الْحُكْمِ مِنْ طَرِيقِ أَوْلَى فَلْيَكُنْ الْعَمَلُ عَلَيْهِ ر
(قَوْلُهُ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأُمُورٍ مِنْهَا قَوْلُهُمْ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِيمَا إذَا شَهِدَ شُهُودُ الْكِتَابِ عَلَى الْمُسَمَّى فِيهِ لَا عَلَى عَيْنِهِ فَاعْتَرَفَ الْمُحْضَرُ بِأَنَّ ذَلِكَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ أَوْ أَنْكَرَ وَنَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ تَوَجَّهَ لَهُ الْحُكْمُ فَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِ نَسَبِهِ بِإِقْرَارِهِ وَمِنْهَا مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يُسْأَلُ عَنْ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِ وَمِنْهَا أَنَّ النَّاسَ مُؤْتَمَنُونَ عَلَى أَنْسَابِهِمْ وَمَنْ ائْتَمَنَ عَلَى شَيْءٍ رُجِعَ إلَيْهِ فِيهِ قُلْت إنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِ لَا فِيمَا لَهُ وَلَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِهِ لَاسْتَحَقَّ الْمَسْطُورَ الَّذِي أَقَرَّ فِيهِ لِشَخْصٍ مُسَمًّى مَنْسُوبٍ بِدَعْوَاهُ أَنَّهُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَالْمَنْسُوبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَا مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ) (قَوْلُهُ أَوْ الْقَبِيلَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ) عِبَارَةُ النَّصِّ شَرْطُ ذَلِكَ أَنْ يَتَظَاهَرَ الْخَبَرُ زَمَانًا طَوِيلًا بِمَنْ يَصْدُقُ وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ دَافِعٌ وَلَا مُنَازِعٌ وَلَا دَلَالَةٌ يُرْتَابُ بِهَا (تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانًا حُرُّ الْأَصْلِ لَمْ يَسَعْهُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَكُنْ عَرَفَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ حُرَّيْنِ بِأَنْ رَأَى فِي بَلَدٍ رَجُلًا تَزَوَّجَ بِحُرَّةٍ وَحَدَثَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ الْوِلَادَةَ فَيَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ هَذَا حُرُّ الْأَصْلِ كَمَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ إذَا حَدَثَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ غَرِيبًا دَخَلَ بَلَدًا وَأَقَامَ بِهِ سِنِينَ وَلَمْ يَعْرِفْ فِي الْأَصْلِ أَنَّ أَبَوَيْهِ كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ حُرَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ إلَّا إذَا وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ.
(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا جَوَّزَهُ الْمُصَنِّفُ) هُوَ الرَّاجِحُ

الصفحة 367