كتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب (اسم الجزء: 4)

الْحَقِّ فَإِنْ كَانَ ادَّعَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ انْتَهَى وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ الْأَوَّلُ جَمِيعَ الْحَقِّ وَكَالْغَائِبِ فِيمَا ذَكَرَ الْحَاضِرُ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْحَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ (فَلَوْ فَسَقَ الشَّاهِدُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ (فَهَلْ يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ أَوْ الصَّبِيِّ) أَوْ الْمَجْنُونِ فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ إنَّمَا اتَّصَلَ فِي حَقِّ الْحَالِفِ فَقَطْ وَلِهَذَا لَوْ رَجَعَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ ذُكِرَ الْحَلِفُ (أَمْ لَا) يُؤَثِّرُ فِي حَقِّهِ فَيَحْلِفُ (لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ وَجْهَانِ) الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ (وَإِنْ مَاتَ الْغَائِبُ) أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ (حَلَفَ وَارِثُهُ) وَأَخَذَ حِصَّتَهُ (وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْحَالِفُ أَوَّلًا) فَلَا تُحْسَبُ يَمِينُهُ الْأُولَى.
وَأَقَامَ الظَّاهِرَ فِي قَوْلِهِ الْوَارِثَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ (وَالْحَالِفُ مِنْ الْوَرَثَةِ) عَلَى دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ لِمُوَرِّثِهِ (يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ) لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ حَلَفَ كُلُّهُمْ أَمْ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ يُثْبِتُهُ لِمُوَرِّثِهِ لَا لَهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مُوَرِّثَهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى هَذَا كَذَا أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ مِنْ دَيْنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا كَذَا وَكَذَا (وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَا) بَعْضُ (الْمُوصَى لَهُمْ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ ثَبَتَ الْجَمِيعُ وَاسْتَحَقَّ الْغَائِبُ وَالصَّبِيُّ) وَالْمَجْنُونُ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ عُلِمَ مِنْ نَظِيرِهِ السَّابِقِ فِيمَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا (وَعَلَى الْقَاضِي) بَعْدَ تَمَامِ الْبَيِّنَةِ (الِانْتِزَاعُ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) أَيْ لِنَصِيبِهِمَا دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا ثُمَّ يَأْمُرُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْغِبْطَةِ لِئَلَّا يَضِيعَ عَيْنُ مَالِهِمَا (وَأَمَّا نَصِيبُ الْغَائِبِ فَيَقْبِضُ لَهُ الْقَاضِي الْعَيْنَ وُجُوبًا لَا الدَّيْنَ) فَلَا يَجِبُ قَبْضُهُ لَهُ (بَلْ يَجُوزُ كَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِغَائِبٍ وَأَحْضَرَهُ) لِلْقَاضِي لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَحْفَظُ لِمَالِكِهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْعَيْنِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَيُؤَجِّرُ الْقَاضِي الْعَيْنَ لِئَلَّا تَفُوتَ الْمَنَافِعُ (وَ) قَدْ مَرَّ (فِي) كِتَابِ (الشَّرِكَةِ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ) لَا يَنْفَرِدُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَ (لَوْ قَبَضَ مِنْ التَّرِكَةِ شَيْئًا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ) بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ بَقِيَّتُهُمْ وَقَالُوا هُنَا يَأْخُذُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ (وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْغَيْبَةَ) لِلشَّرِيكِ (هُنَا عُذْرًا فِي تَمْكِينِ الْحَاضِرِ) مِنْ الِانْفِرَادِ حِينَئِذٍ وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ فِيمَا قَبَضَهُ (وَيَقْبِضُ وَكِيلُ الْغَائِبِ) فِيمَا مَرَّ وُجُوبًا (الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ وَيُقَدَّمُ) فِي ذَلِكَ (عَلَى الْقَاضِي) كَمُوَكِّلِهِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إنْ كَانَ لَهُمَا وَلِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ

(فَصْلٌ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ اسْتِحْقَاقُ الْمَنَافِعِ فَأَشْبَهَ اسْتِئْجَارَ بَدَنِ الْحُرِّ وَلَيْسَ كَالْعِتْقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ وَإِثْبَاتُ الْوِلَايَاتِ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ أَحْكَامِ الْمِلْكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا أُتْلِفَ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِخِلَافِ الْعَتِيقِ (فَلَوْ أَقَامُوا) أَيْ أَوْلَادُ مَيِّتٍ عَلَى شَخْصٍ (شَاهِدًا بِغَصْبِ دَارٍ وَقَفَهَا أَبُوهُمْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى زَيْدٍ وَحَلَفُوا) عَلَى ذَلِكَ مَعَ الشَّاهِدِ (ثَبَتَ الْغَصْبُ وَالْوَقْفُ) وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي ثُبُوتِ الْوَقْفِ (لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا فَإِقْرَارُهُمْ) بِهِ (كَافٍ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي مَا يُغْنِي عَنْهُ (وَإِنْ) مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ (ادَّعَى ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ أَبُوهُمْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الدَّارَ) وَأَنْكَرَ بَقِيَّتُهُمْ (وَأَقَامُوا شَاهِدًا فَإِنْ حَلَفُوا) مَعَهُ (ثَبَتَ) الْأُولَى ثَبَتَتْ أَيْ الدَّارُ (وَقْفًا) لَهُمْ (وَلَا حَقَّ فِيهَا لِبَاقِي الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ) مُدَّعَاهُمْ (وَقْفَ تَرْتِيبٍ) بِأَنْ ادَّعَوْا أَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا وَمَاتَ (بَعْضُهُمْ أَخَذَ مَنْ بَقِيَ) مِنْهُمْ لَا مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْبُطُونِ (نَصِيبَهُ) أَيْ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الثَّانِي إنَّمَا هُوَ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَنْ قَبْلَهُ (بِلَا يَمِينٍ) لِحَلِفَةِ أَوَّلًا.
(فَإِنْ مَاتُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ (كُلُّهُمْ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (أَخَذَهَا) أَيْ الدَّارَ وَقْفًا (مَنْ بَعْدَهُمْ بِلَا يَمِينٍ) وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ لِأَنَّ وَقَفِيَّتَهَا تَثْبُتُ بِحُجَّةٍ يَثْبُتُ بِهَا الْوَقْفُ فَتُدَامُ كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ بِشَاهِدَيْنِ وَلِأَنَّهَا ثَبَتَتْ لِمُسْتَحِقٍّ فَلَا يَفْتَقِرُ مَنْ بَعْدَهُ إلَى الْيَمِينِ كَالْمَمْلُوكِ وَلِأَنَّهُمْ خُلَفَاءُ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوَّلًا لَا فَلَا يَفْتَقِرُونَ إلَيْهَا كَالْغَرِيمِ إذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ مِلْكًا لِمُوَرِّثِهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَيَأْخُذُونَهَا (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ (وَإِنْ نَكَلُوا) عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ (فَالدَّارُ) بَعْدَ إحْلَافِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (تَرِكَةٌ) يُقْضَى مِنْهَا الدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ (وَتَصِيرُ حِصَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي قَدْ يَقْتَضِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَالْغَائِبِ فِيمَا ذُكِرَ الْحَاضِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ) لِأَنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فَيَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ مُوَرِّثُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا إذْ هُوَ خَلِيفَتُهُ (قَوْلُهُ كَذَا كَذَا وَكَذَا) الْأَوَّلُ خَبَرٌ عَنْ جُمْلَتِهِ وَالثَّانِي وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَعْمُولَانِ لِقَوْلِهِ يَسْتَحِقُّ أَيْ وَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ كَذَا وَكَذَا مِنْ دَيْنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا (قَوْلُهُ فَيَقْبِضُ لَهُ الْقَاضِي الْعَيْنَ وُجُوبًا) لَكِنْ سَبَقَ فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ حَمَلَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْقَاضِي وَالْمَالِكُ غَائِبٌ فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ ذَلِكَ الْخِلَافُ هُنَا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى إنَّهُ تَقَدَّمَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي انْتِزَاعِ الْحَاكِمِ فِيمَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةَ فَيَجِبُ فِيهَا قَطْعًا حِفْظًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ فَهَذَا الْبَحْثُ ذُهُولٌ عَمَّا قَرَّرَهُ هُنَاكَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ ذَلِكَ الْخِلَافُ هُنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ مُعْتَقِدٌ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ فَوَجَبَ أَنْ يَأْخُذَ الْحَاكِمُ نَصِيبَ الْغَائِبِ قَطْعًا لِتَزُولَ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ الْمُؤَدِّيَةُ لِضَيَاعِ حَقِّ الْغَائِبِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ الْمُقِرِّ الَّذِي أَحْضَرَ الْمَغْصُوبَ لِلْحَاكِمِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَحْفَظُ لِمَالِكِهِ) وَلَيْسَ فِي الدَّيْنِ شَيْءٌ يُحْبَسُ عَنْهُ صَاحِبُهُ بِخِلَافِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَالدَّيْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ وَقَالَ الْفَارِقِيُّ هَذَا إذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ثِقَةً مَلِيًّا وَإِلَّا فَالْأَخْذُ مِنْهُ أَوْلَى.

الصفحة 376