كتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب (اسم الجزء: 4)

دَفْعَ (الْمُنَازَعَةِ) لَا تَحْصِيلَ الْحَقِّ (فَقَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِي وَهُوَ يَمْنَعَنِيهَا سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هِيَ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِيَدِهِ (وَلِلْقَاضِي طَلَبُ الْجَوَابِ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنْ الْحُضُورِ وَإِنْشَاءِ الدَّعْوَى (وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى) مِنْ الْمُدَّعِي عَلَى خَصْمِهِ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةً) وَلَا مُعَامَلَةً وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ طَبَقَاتِ النَّاسِ فَتَصِحُّ دَعْوَى دَنِيءٍ عَلَى شَرِيفٍ وَإِنْ شَهِدَتْ قَرَائِنُ الْحَالِ بِكَذِبِهِ كَأَنْ ادَّعَى دَنِيءٌ اسْتِئْجَارَ أَمِيرٍ أَوْ فَقِيهٍ لِعَلْفِ دَوَابِّهِ وَكَنْسِ بَيْتِهِ (وَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا مَعْلُومًا) وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدَيْنِ (فَشَهِدَا لَهُ بِإِقْرَارٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِغَصْبِ ثَوْبٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِفَاهُ لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْبَيِّنَةِ أَنْ تُبَيِّنَ مَا شَهِدَتْ بِهِ وَلِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مُوَافَقَتُهَا لِلْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ وَلَيْسَتْ كَالْإِقْرَارِ إذْ يَشْتَرِطُ فِيهَا مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ (وَلَوْ ادَّعَى دَرَاهِمَ مَجْهُولَةً قَالَ لَهُ الْقَاضِي بَيِّنْ أَقَلَّ مَا يَتَحَقَّقُ أَوْ) ادَّعَى (ثَوْبًا) مَجْهُولًا (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ إذْ لَا وَجْهَ لِلْأَخْذِ بِالْأَقَلِّ مِنْ صِفَةِ ثَوْبٍ عَيَّنَهُ أَيْ عِنْدَهُ قَالَهُ الْأَصْلُ

الْمَسْأَلَةُ (الثَّالِثَةُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةٍ وَلِأَنَّهُ كَالطَّعْنِ فِي الشُّهُودِ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: 282] (إلَّا إنْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَدَاءً) لِلْحَقِّ (أَوْ إبْرَاءً) مِنْهُ (أَوْ شِرَاءً) لَهُ (وَنَحْوَهُ) كَاتِّهَابِهِ وَقَبْضِهِ (قَبْلَ) إقَامَةِ (الْبَيِّنَةِ وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِهِ (فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (عَلَى نَفْيِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ مَا نَادَى مِنْهُ الْحَقَّ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا وَهَبَهُ إيَّاهُ (لَا) إنْ ادَّعَى (بَعْدَ الْحُكْمِ) حُدُوثَ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَلَا يَحْلِفُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ بِالْحُكْمِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ نَفْعَ خَصْمِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَكَذَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ نُقِلَ عَنْهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ خِلَافُهُ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ هُنَا مِنْ تَصَرُّفِ الْبَغَوِيّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي (تَنْبِيهٌ)
أَوْ رَدَّ عَلَى إطْلَاقِ الْأَدَاءِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى الْحَجِّ لَوْ قَالَ قَدْ حَجَجْتُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَلَا يَمِينٍ (وَإِنْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِفِسْقِ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبِهِمْ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَهُ لَنَفَعَهُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ بِكُلِّ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَنَفَعَهُ كَأَنْ ادَّعَى (إقْرَارَهُ لَهُ بِكَذَا) أَيْ بِالْمُدَّعَى بِهِ (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ (وَقَدْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ قَدْ حَلَّفَهُ) مَرَّةً (قَبْلَهَا أَوْ سَأَلَ الْقَاذِفَ) وَقَدْ أَرَادَ الْمَقْذُوفُ حَدَّهُ (تَحْلِيفَ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ) تَحْلِيفَ (وَارِثِهِ أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ زَنَى فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ) لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ تَذَكَّرَهُ الْقَاضِي لَمْ يُحَلِّفْهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ إيضَاحٌ (وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْقَاضِي) وَلَا (الشُّهُودِ) وَإِنْ كَانَ يَنْفَعُ الْخَصْمَ تَكْذِيبُهُمَا أَنْفُسَهُمَا لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْصِبَهُمَا يَأْبَى التَّحْلِيفَ (وَفِي تَحْلِيفِهِ) أَيْ الْخَصْمِ (أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ بَرِئَ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ صُلْحٍ عَلَى إنْكَارٍ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ (وَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةِ دَافِعَةٌ) لِلْحَقِّ (اسْتَفْسَرَ إنْ كَانَ جَاهِلًا) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَارِفًا (فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً) لِلدَّفْعِ مِنْ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا مِنْ الْأَيَّامِ (بِطَلَبِهِ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةِ يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا لِإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ وَاثْتِثْبَاتِهَا فِيمَا تَحَمَّلَتْهُ وَلَوْ عَادَ وَلَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَحْوِ الْإِبْرَاءِ أَجَابَهُ إلَيْهِ لِتَيَسُّرِهِ فِي الْحَالِ وَلَا يُكَلَّفُ تَوْفِيَةَ الدَّيْنِ أَوْ لَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُكَ حَيْثُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ وَحَلَّفَهُ لِعِظَمِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهَا) إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ) وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ لَا مُطْعِنَ لَهُ وَلَا دَافِعَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا مِنْ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ التَّحْلِيفُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَ ذَلِكَ إمَّا مَعَ شَاهِدِهِ أَوْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى قَضَاءَ الدَّيْنِ وَسَأَلَ إحْلَافه أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ قَدْ أَحْلَفَهُ قَالَ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي مِثْلِهِ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ فَحَصَلَ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْعُدَّةِ لِأَنَّ الْبَغَوِيّ يُصَحِّحُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْفَضَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ لِلْمُدَّعِي بِغَيْرِ حَلِفٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي فَكَيْفَ يُحَلِّفُهُ هُنَا (قَوْلُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينَ) كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قُبِلَ مِنْهَا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا وَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(فَرْعٌ) فِي يَدِهِ دَارٌ فَادَّعَاهَا آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ دَارِي فَقَالَ نَعَمْ هِيَ دَارُك بِعْتنِيهَا وَأَقَامَ عَلَى الشِّرَاءِ بَيِّنَةً لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِلْمُدَّعِي فِي الْحَالِ وَقِيلَ تُقْبَلُ إذَا وَصَلَ بِهِ كَلَامَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنْ يُقَالَ هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ أَيْ كَانَتْ دَارِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ دَارُ فُلَانٍ مِلْكِي هَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَجْهَانِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ لِفُلَانٍ هَذَا ذَكَرَهُ شُرَيْحُ فِي رَوْضَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً أُمْهِلَ ثَلَاثًا) فَإِنْ أَحْضَرَهَا فَذَاكَ وَإِنْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدًا وَاحِدًا وَاسْتَظْهَرَ بِالثَّانِي اُنْتُظِرَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَلَوْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدَيْنِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمَا اُنْتُظِرَ بِهَا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ اسْتِظْهَارٌ لِبَيِّنَةٍ فِي شَهَادَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يَحْتَاجُ لِمِثْلِهَا) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي تَوْثِقَةً فِي مُدَّةٍ الْإِمْهَالِ أُجِيبَ فَإِنْ احْضِرْ لَهُ بِكَفِيلٍ فَذَاكَ وَإِلَّا رَسَمَ عَلَيْهِ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الصفحة 392