كتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب (اسم الجزء: 4)

اسْتِرْدَادِهِ ثُمَّ غَصْبِهِ ثَانِيًا بَعِيدًا (أَوْ) شَهِدَ (وَاحِدٌ) هَكَذَا (وَوَاحِدٌ) هَكَذَا (حَلَفَ) الْمُدَّعِي (مَعَ أَحَدِهِمَا) وَأَخَذَ الْغُرْمَ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلَا تَعَارُضَ (وَلَوْ أَتْلَفَ ثَوْبًا وَقَوَّمَهُ شَاهِدٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَآخَرُ بِدِينَارٍ ثَبَتَ النِّصْفُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ (وَحَلَفَ) الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ (مَعَ الْآخَرِ) أَيْ الَّذِي قَوَّمَ بِالدِّينَارِ وَثَبَتَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ بِالنِّصْفِ لَا يُعَارِضُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَهَذَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ دِينَارًا وَآخَرُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ دِينَارٍ (فَإِنْ تَمَّتْ الْبَيِّنَتَانِ) فِي ذَلِكَ بِأَنْ قُوِّمَتْ إحْدَاهُمَا الثَّوْبُ بِالنِّصْفِ وَالْأُخْرَى بِالدِّينَارِ ثَبَتَ النِّصْفُ أَيْضًا وَ (تَعَارَضَتَا فِي النِّصْفِ) الْبَاقِي (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُتْلَفِ) بِأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ وَزْنَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دِينَارًا وَأُخْرَى أَنَّ وَزْنَهُ نِصْفُ دِينَارٍ (قُدِّمَتْ شَهَادَةُ الْأَكْثَرِ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ (التَّقْوِيمِ) لِأَنَّ مُدْرَكَهَا الِاجْتِهَادُ وَقَدْ تَطْلُعُ بَيِّنَةُ الْأَقَلِّ عَلَى عَيْبٍ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِعَدَدٍ لِمَعْدُودٍ أَوْ بِأَذْرُعٍ لِمَذْرُوعٍ فَعَارَضَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ كَنِصْفِهِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ انْتَهَى وَفِي قَوْلِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ نَظَرٌ وَمَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْوِيمِ يُخَالِفُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَةَ سِلْعَةُ الْيَتِيمِ مِائَةً مَثَلًا فَأَذِنَ الْحَاكِمُ فِي بَيْعِهَا بِالْمِائَةِ فَبِيعَتْ بِهَا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَتَانِ مِنْ أَنَّهُ يُنْقَصُ الْبَيْعُ وَالْإِذْنُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِيمَا تُلِفَ وَتَعَذَّرَ تَحْقِيقٌ الْأَمْرِ فِيهِ وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي سِلْعَةٍ قَائِمَةٍ يَقْطَعُ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَةٌ

(وَلَا تُسْمَعُ) بَيِّنَةُ مُدَّعِي عَبْدٍ (أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ) فَقَدْ تَلِدُهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا (وَلَا) بَيِّنَةُ مُدَّعِي ثَمَرَةٍ (أَنَّ الثَّمَرَةَ مِنْ شَجَرَتِهِ) فَقَدْ تُثْمِرُهَا قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا فَلَا تُسْمَعَانِ (حَتَّى يَقُولَا وَلَدَتْهُ أَوْ أَثْمَرَتْهَا فِي مِلْكِهِ) فَتُسْمَعَانِ وَإِنْ شَهِدَتَا بِمِلْكٍ سَابِقٍ لِأَنَّ النَّمَاءَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ فَإِذَا تَعَرَّضَتَا لِمِلْكِ الْأَصْلِ تَبِعَهُ النَّمَاءُ فِي الْمِلْكِ (وَيُسْمَعُ) مِنْ الْبَيِّنَةِ (نَحْوَ) قَوْلِهَا هَذَا الثَّوْبُ (مِنْ غَزْلِهِ وَالدَّقِيقُ مِنْ حِنْطَتِهِ وَالْفَرْخُ مِنْ بَيْضَتِهِ) وَالْخُبْزُ مِنْ دَقِيقِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْنُ مَالِهِ تَغَيَّرْت صِفَتُهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْأَمَةِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ (وَيُقَدَّمُ مَنْ شَهِدَ بِالرِّقِّ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهِيَ إثْبَاتُ الرِّقِّ (وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (بِدَيْنٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا مُتَّصِلًا) بِشَهَادَتِهِ أَنَّهُ (قَضَاهُ) أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ نَحْوُهُ (بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ) لِلتَّضَادِّ (أَوْ قَالَهُ مُنْفَصِلًا) عَنْهَا (بَعْدَ الْحُكْمِ) بِهَا (لَمْ يُؤْثِرْ) فِي شَهَادَتِهِ (وَكَذَا قَبْلَ الْحُكْمِ إنْ قَالَ قَضَاهُ قَبْلَ شَهَادَتِي) تُبِعَ كَالرَّوْضَةِ فِي هَذَا نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ بَعْدَ شَهَادَتِي فَإِنْ قَالَ قَبْلَهَا فَقَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ

(وَلِلْخَصْمِ) فِيمَا إذَا لَمْ تَبْطُلْ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَقَوَّمَهُ شَاهِدٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ) اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هَلْ الْقِيمَةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْعَيْنِ أَوْ هِيَ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ رَغَبَاتُ الرَّاغِبِينَ فِي ابْتِيَاعِهَا بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْأَظْهَرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) هُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ فَرَضَهُ الشَّيْخَانِ فِي التَّالِفِ (قَوْلُهُ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَيُحْكَمُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ لَنَا عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ سَالِمَةً مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ فَهُوَ كَمَا أُزِيلَتْ يَدُ الدَّاخِلِ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ ثُمَّ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ لِذَلِكَ وَفِيهِ وَجْهٌ يَجِيءُ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ تَلِفَ) أَيْ أَوْ هُوَ بَاقٍ وَلَمْ يَقْطَعْ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْأَقَلِّ

(قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَرَّضَتَا لِمِلْكِ الْأَصْلِ تَبِعَهُ النَّمَاءُ فِي الْمِلْكِ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مِلْكِ الشَّيْءِ مُنْذُ سَنَةٍ يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي مَعَ زَوَائِدِهِ فِي السَّنَةِ (قَوْلُهُ وَالْخُبْزُ مِنْ دَقِيقِهِ) أَيْ وَالدَّقِيقُ مِنْ حِنْطَتِهِ وَالزَّرْعُ مِنْ بَذْرِهِ وَهَذِهِ الدَّنَانِيرُ أَوْ الدَّرَاهِمُ مِنْ ذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ وَهَذِهِ النَّخْلَةُ مِنْ نَوَاتِهِ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ مَنْ شَهِدَ بِالرِّقِّ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَالشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ وَشَرَحَ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحُرِّيَّةِ أَوْلَى خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ) وَهِيَ إثْبَاتُ الرِّقِّ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ إحْدَاهَا إذَا بَاعَ شَيْئًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرُشْدِهِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ كَانَ سَفِيهًا أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيهَا بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ السَّفَهِ كَمَا تُقَدَّمُ الْجَارِحَةُ عَلَى الْمُعَدَّلَةِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرٍ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ صُورَةِ مَا تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ السَّفَهِ بِتَبْذِيرٍ أَوْ فِسْقٍ مُقَارِنٍ لِلْبُلُوغِ مُسْتَمِرٍّ إلَى حِينِ الْبَيْعِ تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ تَقْدِيمَ الْبَيِّنَةِ الْجَارِحَةِ عَلَى الْمُعَدَّلَةِ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ رَشِيدٍ وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ رَشِيدًا فَبَيِّنَةُ الرُّشْدِ أَوْلَى وَكَذَا مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى الثَّانِيَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَةُ الْجُنُونِ وَالْعَقْلِ أَطْلَقَ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِي فَتَاوِيهِ تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ الْجُنُونِ لِأَنَّ عِنْدَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهُوَ حُدُوثُ الْجُنُونِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ جُنُونٌ سَابِقٌ فَبَيِّنَةُ الْجُنُونِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ أَيَّامًا وَيُفِيقُ أَيَّامًا وَعُرِفَ مِنْهُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ الثَّالِثَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ أَفْتَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مُعَاصِرِيهِ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الْفِرْكَاحِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالصَّوَابُ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيِّنَةَ الصِّحَّةِ مُسْتَصْحَبَةٌ وَالنَّاقِلَةُ تُقَدَّمُ عَلَيْهَا الرَّابِعَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتَيْ الْإِكْرَاهِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي الْإِقْرَارِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ الْخَامِسَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتِي الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمِ كَذَا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قَبْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى وَلَا طَلَبًا أَجَابَ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تُقَدَّمُ وَهَذَا فِيهِ إطْلَاقٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فَفِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ يَشْهَدَا بِالْمَالِ وَآخَرَانِ بِالْإِبْرَاءِ فَشَاهِدُ الْإِبْرَاءِ أَوْلَى إنْ أُطْلِقَتَا وَإِنْ وُقِّتَتَا فَالْأَخِيرَةُ أَوْلَى وَإِنْ أُطْلِقَتْ بَيِّنَةٌ وَأُرِّخَتْ أُخْرَى فَعَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِبْرَاءِ أَوْلَى (قَوْلُهُ إنْ قَالَ قَضَاهُ قَبْلَ شَهَادَتِي) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ شَهَادَتِي (قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ) عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ (فُرُوعٌ)

الصفحة 422