كتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب (اسم الجزء: 4)

الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ أَنَّ أَبَا سَهْلٍ الْأَبِيوَرْدِيَّ نَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ انْتَهَى وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَمُوتُ ثُلُثُهُ حُرًّا وَبَاقِيهِ رَقِيقًا كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَهُ قَالَ وَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَعَلَى هَذَا) أَيْ الْقَوْلِ بِمَوْتِهِ رَقِيقًا

(لَوْ وَهَبَ مَرِيضٌ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ) وَأَقْبَضَهُ (فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُتَّهَبِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ مَاتَ عَلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ فَعَلَيْهِ تَجْهِيزُهُ) وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَمُوتُ عَلَى مِلْكِ الْمُتَّهَبِ فَعَلَيْهِ تَجْهِيزُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ تُوَزَّعُ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ عَلَيْهِمَا.

(وَلَوْ أَعْتَقَ أَوْ وَهَبَ مَرِيضٌ عَبْدًا) وَأَقْبَضَهُ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَهُ مَالٌ آخَرُ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَهُ لَمْ يُحْسَبْ مِنْ الثُّلُثِ) وَلَمْ يُزَاحِمْ أَرْبَابَ الْوَصَايَا وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِالْمَوْتِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إلَى الْمَوْتِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْحِسَابِ (وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمُتَّهَبُ) فِيمَا ذُكِرَ (حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ) كَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا (فَإِنْ لَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ غَرِمَ الْمُتَّهَبُ) لِلْوَرَثَةِ (الزَّائِدَ) عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ مُضَمَّنَةٌ بِخِلَافِ الْإِتْلَافِ.

(وَلَوْ أَعْتَقَ مَرِيضٌ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ) دَفْعَةً (قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَهُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَتْ أَوَّلًا الْحُرِّيَّةُ لِلْمَيِّتِ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا وَرُقَّ الْآخَرَانِ أَوْ) خَرَجَ لَهُ (الرِّقُّ لَغَا) فَلَا يُحْسَبُ عَلَى الْوَرَثَةِ مَعَ أَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْبِضُوهُ بِخِلَافِ الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الثَّوَابَ (وَأَقْرَعَ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا عَبْدَانِ فَأَعْتَقَهُمَا (فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ) بِالْحُرِّيَّةِ (عَتَقَ ثُلُثَاهُ) وَرُقَّ ثُلُثُهُ مَعَ الْعَبْدِ الْآخَرِ (وَإِنْ خَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ أَوَّلًا لِحَيٍّ) مِنْ الْآخَرَيْنِ (عَتَقَ ثُلُثُهُ) أَيْضًا وَكَانَ الْحَيَّيْنِ كُلَّ التَّرِكَةِ (وَكَذَا) يُحْكَمُ (لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْوَرَثَةِ التَّرِكَةَ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ قَبْضِهِمْ) لَهَا (وَقَبْلَ الْقُرْعَةِ حُسِبَ) الْمَيِّتُ (عَلَيْهِمْ) لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِمْ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ كُلُّهُ (وَإِنْ مَاتَ اثْنَانِ مِنْهُمْ قَبْلَهُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَتْ) الْحُرِّيَّةُ (عَلَى مَيِّتٍ) مِنْهُمَا (عَتَقَ نِصْفُهُ) وَجُعِلَ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ وَهُوَ الْعَبْدُ الْحَيُّ (وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ الرِّقُّ أُعِيدَتْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ (فَإِنْ قَرَعَ الْمَيِّتُ) الْآخَرُ بِأَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ (عَتَقَ نِصْفُهُ وَالْعِتْقُ ثُلُثُ الْحَيِّ) وَلَمْ يُحْسَبْ الْمَيِّتُ عَلَى الْوَرَثَةِ (وَإِنْ قُتِلَ الْعَبْدُ) أَيُّ عَبْدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَهُ (فَقِيمَتُهُ قَائِمَةٌ مَقَامَهُ) فَيَدْخُلُ هُوَ فِي الْقُرْعَةِ (وَإِذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ بِحُرِّيَّةِ الْقَتِيلِ فَفِيهِ دِيَتُهُ) لِلْوَرَثَةِ لِتَبَيُّنِ حُرِّيَّتِهِ (لَا قِصَاصَ إنْ قَتَلَهُ حُرٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ) لِعَبْدِهِ (إنْ قَتَلَك أَحَدٌ فَأَنْت حُرٌّ قَبْلَهُ) فَقَتَلَهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ مُتَعَيِّنَةٌ فِيهِ وَفِي الْأُولَى التَّعَيُّنُ بِالْقُرْعَةِ، وَإِنْ خَرَجَتْ بِحُرِّيَّةِ أَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ كُلُّهُ وَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرُ وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ مَا لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُمْ فَيُعْتِقُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ.

(الْخَصِيصَةُ الرَّابِعَةُ الْقُرْعَةُ) سَقَطَ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ وَفِيهَا طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي مَحَلِّهَا بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ الثَّانِي بَعْدُ (فَإِذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا وَضَاقَ الثُّلُثُ) مِنْهُمْ (وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ) عِتْقَهُمْ (فَإِنْ أَعْتَقَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً) كَأَنْ قَالَ لَهُمْ أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ وَكَّلَ بِإِعْتَاقِ كُلٍّ مِنْهُمْ وَكِيلًا فَأُعْتِقُوا مَعًا (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ لِتَجْتَمِعَ الْحُرِّيَّةُ فِي بَعْضِهِمْ فَيَعْتِقُ بِكَمَالِهِ أَوْ يَقْرَبُ مِنْ الْعِتْقِ (أَوْ) أَعْتَقَهُمْ (مُرَتِّبًا كَقَوْلِهِ سَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ وَخَالِدٌ حُرٌّ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ) إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ (وَإِنْ قَالَ سَالِمٌ وَغَانِمٌ وَخَالِدٌ أَحْرَارٌ أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ (أَوْ حُرٌّ فَكَذَلِكَ إلَّا إنْ أَرَادَ الْأَخِيرَ مِنْهُمْ) فَلَا يَقْرَعُ بَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ (لَا) إنْ أَرَادَ (غَيْرَهُ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ بَلْ يَقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ فِيهَا مُتَدَافِعٌ، وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ لَا غَيْرَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا إذَا أَعْتَقَهُمْ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَضِقْ الثُّلُثُ أَوْ ضَاقَ وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ فَيَعْتِقُونَ جَمِيعًا وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْوَصَايَا.

(وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُمْ بِالْمَوْتِ) كَأَنْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ أَعْتَقْتُكُمْ بَعْدَ مَوْتِي (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (مُطْلَقًا) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ رَتَّبَ التَّعْلِيقَ) كَأَنْ قَالَ إذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ وَخَالِدٌ حُرٌّ فَيَقْرَعُ بَيْنَهُمْ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي وَقْتِ نَفَاذِ عِتْقِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصَايَا (وَإِنْ أَعْتَقَ ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ كَأَنْ قَالَ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ أَوْ أَثْلَاثُكُمْ أَحْرَارٌ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ وَلَا يَقْتَصِرُ الْعِتْقُ عَلَى ثُلُثِ كُلٍّ مِنْهُمْ حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ فِي عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ بَعْضِهِ كَإِعْتَاقِ كُلِّهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكُمْ وَهَذِهِ قَدَّمَهَا كَأَصْلِهِ فِي الْوَصَايَا (وَإِنْ قَالَ إنْ مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغَانِمٌ حُرٌّ) فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا (لِعَجْزِ الثُّلُثِ) أَيْ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ عِتْقِهِمَا (فَإِنْ بَرِئَ مِنْهُ وَمَاتَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إلَخْ) وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لِلْعَبْدِ وَلَدٌ مِنْ عَتِيقَةٍ فَعَلَى الثَّانِي يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَعَلَى الثَّالِثِ يَنْجَرُّ وَلَاءُ ثُلُثِهِ

(الْخَصِيصَةُ الرَّابِعَةُ) (قَوْلُهُ سَقَطَ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَقْرَعَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْمُرَادُ فَجَزَّأَهُمْ عَلَى عِبْرَةِ الْقِيمَةِ فَلَمَّا اسْتَوَتْ خَرَجَ عَدَدُ الرُّءُوسِ عَلَى مُسَاوَاةِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ لَا غَيْرَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ) هُوَ مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

الصفحة 448