كتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب (اسم الجزء: 4)

أَوْ حَبَسْتُك (بَعْدَ مَوْتِي مَعَ نِيَّةِ الْعِتْقِ وَ) قَوْلُهُ (دَبَّرْت نِصْفَك) مَثَلًا صَحِيحٌ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ (وَلَا يَسْرِي) إلَى بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَسْرِي عَلَى الْمَيِّتِ لِإِعْسَارِهِ كَمَا مَرَّ (وَ) قَوْلُهُ (دَبَّرْت يَدَك) مَثَلًا (هَلْ هُوَ لَغْوٌ) يَعْنِي لَيْسَ بِصَرِيحٍ (أَمْ تَدْبِيرٌ صَحِيحٌ) فِي جَمِيعِهِ؟ (وَجْهَانِ) كَنَظِيرِهِ فِي الْقَذْفِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَقَوْلُهُ أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ لَسْت بِحُرٍّ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ (كَمِثْلِهِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَسْت بِطَالِقٍ، وَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَسْت بِحُرٍّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ تَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا عَلَى سَبِيلِ الْإِقْرَارِ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ فِي مَعْرِضِ الْإِنْشَاءِ طَلُقَتْ فَيَجِبُ أَنْ يُرَاجَعَ السَّيِّدُ هُنَا بِإِرَادَتِهِ وَيُحْمَلُ مَا ذُكِرَ عَلَى مَا إذَا أَطْلَقَ أَوْ جُهِلَتْ إرَادَتُهُ انْتَهَى.

(فَرْعٌ: يَصِحُّ) التَّدْبِيرُ (مُقَيَّدًا) بِقَيْدٍ فِي الْمَوْتِ كَمَا يَصِحُّ مُطْلَقًا (كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا) أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ حَتْفَ أَنْفِي (فَأَنْتَ حُرٌّ وَيُقَيِّدُ بِهِ) عَمَلًا بِتَقْيِيدِهِ فَلَا يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ الْخَالِي عَمَّا قَيَّدَ بِهِ وَمَحَلُّ صِحَّتِهِ مُقَيَّدًا أَنْ يُمْكِنَ وُجُودُ مَا قَيَّدَ بِهِ فَلَوْ قَالَ إنْ مِتُّ بَعْدَ أَلْفِ سَنَةٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ.

(وَ) قَوْلُهُ (أَنْت حُرٌّ بَعْدَ) أَوْ قَبْلَ (مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ) أَوْ إذَا مِتُّ وَمَضَى يَوْمٌ أَوْ شَهْرٌ فَأَنْت حُرٌّ (تَعْلِيقٌ) لِلْعِتْقِ (لَا تَدْبِيرٌ) كَسَائِرِ التَّعَالِيقِ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْقَوْلِ قَطْعًا بَلْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُقَيَّدَ بِقَيْدٍ فِي الْمَوْتِ تَدْبِيرٌ، وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ تَدْبِيرًا وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ، ثُمَّ قَالَ وَكَأَنَّهُ مَصِيرٌ إلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِمُطْلَقِ الْمَوْتِ وَأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَعِبَارَةُ الْبُوَيْطِيِّ، وَإِنْ قَالَ أَنْت حُرٌّ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي أَوْ فِي عَامِي هَذَا فَهَذَا وَصِيَّةٌ وَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَحَكَاهُ مَعَ نَصِّ الْأُمِّ الْبُلْقِينِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَجِدْ لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا يُخَالِفُهُ فَهُوَ مَذْهَبُهُ، وَإِنْ لَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَهُ انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ نَصَّ الْبُوَيْطِيِّ لَكِنَّ سِيَاقَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَرَأَيْت الْأَصْحَابَ يَنْسُبُونَ إلَى النَّصِّ أَشْيَاءَ مِنْ كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ وَيَكُونُ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَيَظُنُّ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فَيُصَرِّحُ بِنَقْلِهَا عَنْهُ وَسَبَبُ ذَلِكَ عَدَمُ التَّأَمُّلِ.

(وَيَجُوزُ) (تَعْلِيقُ التَّدْبِيرِ) كَالْعِتْقِ وَالْوَصِيَّةِ (كَإِنْ) أَوْ إذَا أَوْ مَتَى (دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ) فَأَنْتَ (مُدَبَّرٌ، فَإِذَا دَخَلَ) وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي (قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا) فَيَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَاعْتُبِرَ وُجُودُ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ بِهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعَلَّقِ بِهَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ قَبْلَ مَوْتِهِ (لَغَا) التَّعْلِيقُ (نَعَمْ إنْ قَالَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ إذَا مِتُّ، ثُمَّ دَخَلْت الدَّارَ (فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لَا تَدْبِيرٌ) هَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَيَمْتَنِعُ) الْأَوْلَى وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ (بَيْعُهُ) بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ إذْ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَعْلِيقِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ وَمَاتَ لَيْسَ لِوَارِثِهِ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إزَالَةُ مِلْكِهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ الْبَيْعِ (وَعَتَقَ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ) لَا قَبْلَهُ لِتَصْرِيحِهِ بِالتَّرْتِيبِ فِي ذَلِكَ (سَوَاءٌ بَادَرَ بِهِ) بَعْدَ الْمَوْتِ (أَمْ لَا) وَمُقْتَضَاهُ تَرْكُ الْعَبْدِ عَلَى اخْتِيَارِهِ حَتَّى يَدْخُلَ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْوَارِثِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ عَرْضِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَأَمَّا لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ فَأَبَى فَلِلْوَارِثِ بَيْعُهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا يَأْتِي فِي آخِرِ الْفَرْعِ الْآتِي (وَكَذَا لَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ إنْ (قَالَ إنْ مِتُّ وَدَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ اشْتَرَطَ الدُّخُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) الدُّخُولَ (قَبْلَهُ) فَيَتْبَعُ كَذَا نَقَلَ الْأَصْلُ هَذَا الِاشْتِرَاطَ عَنْ الْبَغَوِيّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ مَعَ نِيَّةِ الْعِتْقِ) عُلِمَ مِنْهُ اعْتِبَارُ مُقَارَنَتِهَا اللَّفْظَ وَيَجِيءُ مَا سَبَقَ فِي كِنَايَةِ الطَّلَاقِ وَأَنَّ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ كِنَايَاتٌ فِيهِ وَأَنَّ اشْتِهَارَهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا يُلْحِقُهَا بِالصَّرِيحِ (قَوْلُهُ وَدَبَّرْت يَدَك) أَيْ أَوْ إذَا مِتُّ فَيَدُك حُرٌّ هَلْ هُوَ لَغْوٌ أَمْ تَدْبِيرٌ صَحِيحٌ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا إذْ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ وَمَا لَا فَلَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَفَظَ بِصَرِيحِ التَّدْبِيرِ أَعْجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَصِحَّ وَأَنَّهُ لَوْ كَسَرَ التَّاءَ لِلْمُذَكَّرِ أَوْ فَتَحَهَا لِلْمُؤَنَّثِ لَمْ يَضُرَّ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ قَالَ دَبَّرْت وَجْهَك أَوْ رَأْسَك هَلْ يَكُونُ كَقَوْلِهِ دَبَّرْت بَدَنَك أَوْ دَبَّرْتُك أَمْ كَقَوْلِهِ دَبَّرْت يَدَك غ (قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ لَسْت بِحُرٍّ) أَيْ أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ لَسْت مُدَبَّرًا أَوْ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ) قَالَ شَيْخُنَا عَلَّلَهُ فِي الشَّامِلِ بِأَنَّ لَفْظَةَ الِاسْتِفْهَامِ دُونَ الْإِيقَاعِ وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُطْلِقِينَ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ فَتَلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَحْوَالٌ: الْحَالُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقْصِدَ الِاسْتِفْهَامَ. الثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ الْإِخْبَارَ. الثَّالِثُ أَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا. وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَوَجْهُهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ أَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لِرَقِيقِهِ وَمِلْكَ الْعِصْمَةِ لِلزَّوْجِ مُحَقَّقٌ فَلَا نَقْطَعُهُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، فَإِنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ عَمِلْنَا بِقَصْدِهِ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ وَنَفَّذْنَا وُقُوعَ ذَلِكَ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الْإِنْشَاءِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ أَنْ يُرَاجَعَ السَّيِّدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ عَلَى الصَّحِيحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُهُ

(قَوْلُهُ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ كَالْعِتْقِ وَالْوَصِيَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَصِيَّةً أَوْ عِتْقًا بِصِفَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (قَوْلُهُ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْوَارِثِ) لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ عَاجِزًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فَيَصِيرُ كُلًّا عَلَيْهِ لَكِنْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمَشِيئَةِ بِأَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ هُنَا قَبْلَ عَرْضِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَأَمَّا لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ فَأَبَى فَلِلْوَارِثِ بَيْعُهُ قَطْعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُقَيَّدْ إطْلَاقُهُ هُنَا ر (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَ الْأَصْلُ هَذَا الِاشْتِرَاطَ عَنْ الْبَغَوِيّ إلَخْ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ مَمْنُوعٌ

الصفحة 465