كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 4)
وَلَوْ كَفَلَ بِزَيْدٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا، أَوْ إنْ أَحْضَرْته وَإِلَّا فَبِعَمْرٍو أَوْ بِشَرْطِ إبْرَاءً الْكَفِيلِ وَأَنَا كَفِيلُ الْمَكْفُولِ لَمْ تَصِحَّ (وَلَوْ) (نَجَّزَهَا) أَيْ الْكَفَالَةَ (وَشَرَطَ تَأْخِيرَ الْإِحْضَارِ شَهْرًا) كَضَمِنْت إحْضَارَهُ وَأَحْضَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَانَ كَعَمَلِ الْإِجَارَةِ يَجُوزُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَمَنْ عَبَّرَ بِجَوَازِ تَأْجِيلِ الْكَفَالَةِ أَرَادَ هَذِهِ الصُّورَةَ وَخَرَجَ بِشَهْرٍ مَثَلًا نَحْوُ الْحَصَادِ فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ إلَيْهِ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا أَجَلًا مَعْلُومًا) إذْ الضَّامِنُ تَبَرَّعَ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو لَهُ فَكَانَ عَلَى حَسَبِ مَا الْتَزَمَهُ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ، وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى جَوَازُ زِيَادَةِ الْأَجَلِ وَنَقْصِهِ وَإِسْقَاطِ الْمَالِ مِنْ قَوْلٍ أَصْلُهُ ضَمَانُ الْمَالِ الْحَالِّ لِيَشْمَلَ مَنْ تَكَفَّلَ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً بِبَدَنِ مَنْ تَكَفَّلَ بِغَيْرِهِ كَفَالَةً حَالَّةً، وَعُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الضَّامِنِ لِجِنْسِ الدَّيْنِ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا.
وَالثَّانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَفَالَةِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا صَحَّ قَرْضُ شَرْطٍ فِيهِ رَدُّ نَحْوِ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك) أَيْ الْمَكْفُولِ لَهُ قَدْ يُشْكِلُ عَدَمُ صِحَّةِ الضَّمَانِ بِشَرْطِ عِوَضٍ عَلَى الْمَضْمُونِ لَهُ بِجَوَازِ الْتِزَامِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَرَاءَةِ عَلَى مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصِّحَّةَ فِي الْبَرَاءَةِ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا تَرَاضَيَا قَبْلَ الْبَرَاءَةِ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلشَّرْطِ فِي الْبَرَاءَةِ
(قَوْلُهُ: أَوْ إنْ أَحْضَرَتْهُ) أَيْ فَذَاكَ
(قَوْلُهُ: وَأَنَا كَفِيلُ الْمَكْفُولِ) مَعْنَاهُ إبْرَاءُ الْكَفِيلِ بِأَنْ يَقُولَ تَكَفَّلْت بِإِحْضَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ قَبْلُ بَرِئَ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ شَهْرٍ) أَيْ: فَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ وَأَحْضَرَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ ضَمِنَتْ إحْضَارَهُ بَعْدَ شَهْرٍ قَالَ حَجّ: فَإِنْ نَوَى تَعَلُّقًا بَعْدُ بِإِحْضَارِهِ صَحَّ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِ ضَمِنْت فَوَاضِحٌ أَنَّهُ يَبْطُلُ وَأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةُ، وَيُوَجَّهُ بِمَا مَرَّ أَنَّ كَلَامَ الْمُكَلَّفِ يُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ لَوْ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ لِمَا قَالُوهُ فِي الْكِنَايَةِ: إنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ لَغَتْ وَلَمْ يَقُولُوا بِصِحَّتِهَا صَوْنًا لِعِبَارَةِ الْمُكَلَّفِ، وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ هُنَا بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الضَّامِنِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَمَلِ الْفِعْلُ، فَإِذَا كَانَ فِي الْكَلَامِ فِعْلٌ وَغَيْرُهُ تَعَلَّقَ الظَّرْفُ بِالْفِعْلِ، وَهُنَا الْإِحْضَارُ مَصْدَرٌ وَضَمِنَ فِعْلٌ، وَالتَّعَلُّقُ بِالْفِعْلِ هُنَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فَكَانَ هُوَ الْأَصْلَ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ) أَيْ مَا لَمْ يُرِيدَا وَقْتَهُ وَيَكُونُ مَعْلُومًا لَهُمَا، فَلَوْ أَرَادَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ أَطْلَقَا كَانَ بَاطِلًا.
وَبَقِيَ مَا لَوْ تَنَازَعَا فِي إرَادَةِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَعَدَمِهِ هَلْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ أَوْ مُدَّعِي الْفَسَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَلَا يُعَارِضُهُ تَقْدِيمُ قَوْلِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى مُدَّعِي الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَقَدْ عَارَضَهُ هُنَا كَوْنُ الْأَصْلِ بَرَاءَةَ ذِمَّةِ الضَّامِنِ، وَأَنَّ الْإِرَادَةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي شُرِطَ فِيهِ التَّسْلِيمُ) أَيْ وَصَوَابُهُ: لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ فِيهِ حَيْثُ امْتَنَعَ لِغَرَضٍ بِأَنْ كَانَ بِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ بَيِّنَةٌ، أَوْ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى خَلَاصِهِ وَإِلَّا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبُولِهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَجَلًا مَعْلُومًا) أَيْ لِلضَّامِنِ كَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الضَّامِنِ) أَيْ دُونَ الْأَصِيلِ
(قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى) لَوْ أُخِّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِجِنْسِ الدَّيْنِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ الْكَفَالَةِ
(قَوْلُهُ: اشْتِرَاطِ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ اسْتِفَادَةُ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ صِفَةٌ، وَهِيَ لَا تُعْلَمُ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الدَّيْنِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مَثَلًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْجِنْسِ مَا يَشْمَلُ الصِّفَةَ
(قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّلًا) أَيْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ كَفَلَ بِزَيْدٍ عَلَى أَنَّ إلَخْ) أَيْ قَائِلًا عَلَى أَنَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَضَمِنْتُ إحْضَارَهُ وَأَحْضَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) عِبَارَةُ الْمُحَقِّقِ الْمَحَلِّيِّ: نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ
. (قَوْلُهُ: وَنَقَصَهُ) أَيْ وَلَا يَلْحَقُ النَّقْصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
الصفحة 457
472