كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 4)

قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إفْلَاسِ الْأَصِيلِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمَا مُطْلَقًا حَتَّى لَا يَغْرَمَ لَمْ يَبْعُدْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاسْتِئْذَانِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الضَّامِنَ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ الْآذِنِ فِي الضَّمَانِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَعَارَ عَيْنًا لِيَرْهَنَهَا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ ضَمَانٌ فِي رَقَبَتِهَا دُونَ الذِّمَّةِ

(وَإِذَا) (طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ) بِالدَّيْنِ (فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ) أَوْ وَلِيِّهِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ (بِتَخْلِيصِهِ بِالْأَدَاءِ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ) لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ، نَعَمْ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ وَإِنْ حُبِسَ وَلَا مُلَازَمَتُهُ، فَفَائِدَتُهَا إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَتَفْسِيقُهُ بِالِامْتِنَاعِ إذَا ثَبَتَ لَهُ مَالٌ.
أَمَّا لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ) بِالدَّيْنِ الْحَالِّ (قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ) بِهِ كَمَا لَا يُغَرِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَغْرَمَ.
وَالثَّانِي يُطَالَبُ بِتَخْلِيصِهِ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ عَيْنًا لِلرَّهْنِ وَرَهَنَهَا فَإِنَّ لِلْمَالِكِ الْمُطَالَبَةَ بِفَكِّهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ الضَّامِنِ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُطَالَبَةُ الْمَضْمُونِ لَهُ بِأَنْ يُطَالِبَهُ أَوْ يُبْرِئَهُ وَلَا مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ بِالْمَالِ حَيْثُ كَانَ ضَامِنًا بِالْإِذْنِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ، فَلَوْ دَفَعَ لَهُ الْأَصِيلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْته عَنِّي كَانَ وَكِيلًا، وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ وَلَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنُ الْأَصِيلَ أَوْ صَالَحَ عَمَّا سَيَغْرَمُ فِيهِمَا أَوْ رَهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا بِمَا ضَمِنَهُ أَوْ أَقَامَ بِهِ كَفِيلًا لَمْ يَصِحَّ؛ إذْ لَمْ يَثْبُتْ لِلضَّامِنِ حَقٌّ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ، وَلَوْ شَرَطَ الضَّامِنُ حَالَ الضَّمَانِ أَنْ يَرْهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا أَوْ يُقِيمَ لَهُ بِهِ ضَامِنًا فَسَدَ لِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَلِلضَّامِنِ) بَعْدَ أَدَائِهِ مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ كَمَا أَفَادَهُ السِّيَاقُ (الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الضَّمَانِ بِالْإِذْنِ وَعَدَمِهِ وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِمَا لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ وَالضَّمَانُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَلِمَا لَوْ أَفْلَسَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَالضَّمَانُ بِغَيْرِ إذْنٍ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْمُعِيرُ
(قَوْلُهُ: دُونَ الذِّمَّةِ) وَذِكْرُ الْعَارِيَّةِ مِثَالٌ، وَالْمَدَارُ عَلَى تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ بِضَمَانٍ فِيهِمَا أَوْ رَهْنٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَدِينِ اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ) أَيْ أَوْقَعَهُ فِي مَشَقَّةِ الْمُطَالَبَةِ.
وَأَصْلُ التَّوْرِيطِ الْإِيقَاعُ فِي الْهَلَاكِ.
فَفِي الْمُخْتَارِ الْوَرْطَةُ الْهَلَاكُ، وَأَوْرَطَهُ وَوَرَّطَهُ تَوْرِيطًا أَوْقَعَهُ فِي الْوَرْطَةِ اهـ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْقَعَهُ فِي الْهَلَاكِ بِسَبَبِ الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ) لَا مَوْقِعَ لِلِاسْتِدْرَاكِ بَلْ كَانَ الْأَوْلَى جَعْلَهُ مُسْتَأْنَفًا
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ احْبِسْهُ مَعِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْبِسَهُ مَعَهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ: أَيْ لَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحَبْسِهِ (قَوْلُهُ فَفَائِدَتُهَا) أَيْ الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَلَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا فِي الشَّامِلِ، وَحَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَقَرَّهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَحِقِّ إمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي أَوْ تُبْرِئَنِي اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُطَالِبَهُ) أَيْ الضَّامِنُ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ دَفَعَ لَهُ) أَيْ الضَّامِنُ
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ) أَيْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ الضَّامِنُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الضَّامِنُ إذَا دَفَعَهُ لَهُ الْأَصِيلُ بَعْدَ مُطَالَبَةِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الضَّامِنَ مَا لَمْ يَغْرَمْ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ، فَقَبْضُهُ لِنَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا غَرِمَ لَهُ الدَّيْنَ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ الْأَصِيلِ بَعْدَ الْغُرْمِ
(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ
(قَوْلُهُ: فَسَدَ) أَيْ الضَّمَانُ وَلَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ قَبْلُ: أَوْ رَهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا بِمَا ضَمِنَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ الضَّمَانِ لَغَا وَلَمْ يَبْطُلْ الضَّمَانُ وَنَبَّهَ بِمَا هُنَا عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ
(قَوْلُهُ: عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ قَصَدَ جِهَةَ الضَّمَانِ أَوْ أَطْلَقَ، وَيَنْبَغِي فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ

الصفحة 460