كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 4)

وَأَدَّى لَا عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (فِي الضَّمَانِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَدَاءِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (رَجَعَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الضَّمَانَ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْإِذْنُ فِيهِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ، أَمَّا لَوْ نَهَاهُ بَعْدَ الضَّمَانِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَانْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ كَانَ رُجُوعًا عَنْهُ، وَإِلَّا أَفْسَدَهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَدْ لَا يَرْجِعُ بِأَنْ أَنْكَرَ أَصْلَ الضَّمَانِ فَثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ مَعَ إذْنِ الْأَصِيلِ لَهُ فِيهِ فَكَذَّبَهَا، لِأَنَّهُ بِتَكْذِيبِهَا صَارَ مَظْلُومًا بِزَعْمِهِ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ وَهُوَ هُنَا الْمُسْتَحِقُّ (وَلَا عَكْسَ فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَدَّى بِإِذْنِهِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ سَبَبُهُ الضَّمَانُ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ.
نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ، وَحَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يُرَدَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِثْلُهُ صُورَةً كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ.
وَالثَّانِي: يَرْجِعُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ.

(وَلَوْ) (أَدَّى مُكَسَّرًا عَنْ صِحَاحٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَةٍ) ضَمِنَهَا (بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ) (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ) لِأَنَّهُ الَّذِي بَذَلَهُ، أَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ الْمُسَامَحَةُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْأَصِيلِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الدَّائِنُ مُسَامَحَتَهُ بِهِ أَيْضًا، قَالَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ.
وَالْأَوْجَهُ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُسَامِحْ هُنَا بِقَدْرٍ وَإِنَّمَا أَخَذَ بَدَلًا عَنْ الْكُلِّ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ صُلْحُهُ عَنْ مُكَسَّرٍ بِصَحِيحٍ، وَعَنْ عِشْرِينَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْأَصْلِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا أَدَّاهُ وَالدَّيْنِ وَبِالصُّلْحِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ وَقَعَ تَقَاصٌّ فَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ بِمَا ضَمِنَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْمُسَامَحَةُ بِتَرْكِ بَعْضِ الْحَقِّ، وَعَدَمِ مُقَابَلَةِ الْمُصَالَحِ بِهِ الْجَمِيعَ الْمُصَالَحَ عَنْهُ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ، وَفِي الْبَيْعِ الْمُشَاحَّةُ، وَمُقَابَلَةُ جَمِيعِ الثَّمَنِ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا فَرَجَعَ بِالثَّمَنِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الصُّلْحُ بَيْعٌ أَيْضًا

وَلَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ أَدَّى بَعْضَهُ وَأَبْرَأَ مِنْ الْبَاقِي رَجَعَ بِمَا أَدَّى وَبَرِئَ فِيهِمَا، وَكَذَا الْأَصِيلُ لَكِنْ فِي صُورَةِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ لَفْظَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِالنَّظَرِ لِمَنْ جَرَى مَعَهُ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ دُونَ صُورَةِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ لِلضَّامِنِ عَنْ الْوَثِيقَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ

وَلَوْ ضَمِنَ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا عَلَى مُسْلِمٍ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى خَمْرٍ لَمْ يَرْجِعْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ بِسَبَبِ الْإِذْنِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَأَدَّى) أَيْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ
(قَوْلُهُ: عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ) أَيْ بِأَنْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ أَوْ أَطْلَقَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ وَعَدَمِهَا صُدِّقَ الدَّافِعُ فَإِنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ) أَيْ الْأَدَاءِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ نَهَاهُ) أَيْ عَنْ الْأَدَاءِ
(قَوْلُهُ: فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ) أَيْ النَّهْيِ فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى (قَوْلُهُ: وَانْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ) بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ النَّهْيُ رُجُوعًا عَنْهُ أَيْ الْإِذْنِ، وَهُوَ صَحِيحٌ

(قَوْلُهُ: إلَّا بِمَا غَرِمَ) قَضِيَّتُهُ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ إلَخْ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ الثَّوْبِ لَا قِيمَتِهِ
(قَوْلُهُ: قَالَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ) هُوَ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْأَصْلِ) وَهُوَ الْمُكَسَّرُ وَالْعِشْرِينَ لِتَبَرُّعِهِ بِالزِّيَادَةِ
(قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ مَا بَاعَهُ مَا بَاعَ الثَّوْبَ بِهِ
(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ) أَيْ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ عَنْ مِائَةٍ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ

(قَوْلُهُ: وَأَبْرَأَ) أَيْ الضَّامِنُ
(قَوْلُهُ: وَبَرِئَ) أَيْ الضَّامِنُ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي صُورَةِ الصُّلْحِ) أَيْ دُونَ صُورَةِ الْإِبْرَاءِ
(قَوْلُهُ: دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ) أَيْ فَيُطَالَبُ بِهِ الْأَصِيلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَعْدَ الضَّمَانِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ: أَمَّا لَوْ نَهَاهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الضَّمَانِ إلَخْ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَمِنَ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ مُسْلِمٍ دَيْنًا فَصَالَحَ صَاحِبَهُ عَلَى خَمْرٍ لَغَا الصُّلْحُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَدَاءَ الضَّامِنِ يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْأَصْلِ مَا أَدَّاهُ وَتَمَلُّكَهُ إيَّاهُ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ انْتَهَتْ.
وَعُلِمَ مِنْهَا

الصفحة 462