كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 4)

وَضَمَانٌ وَوَكَالَةٌ وَقَرْضٌ وَشِرْكَةٌ وَعَارِيَّةٌ وَوَقْفٌ وَعِتْقٌ وَطَلَاقٌ إذْ لَا يُحْتَاجُ لَهُ فِيهِ وَلَا فِي (الْإِبْرَاءِ) لِأَنَّهُ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ (وَالنِّكَاحِ) إذْ الْمُعَاوَضَةُ فِيهِ غَيْرُ مَحْضَةٍ (وَالْهِبَةِ بِلَا ثَوَابٍ) لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ (وَكَذَا) الْهِبَةِ (ذَاتِ الثَّوَابِ) لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا، وَالْمُعْتَمَدُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيهَا وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ حَقِيقِيٌّ (وَالشُّفْعَةِ) لِأَنَّ الْخِيَارَ فِيمَا يَثْبُتُ مِلْكُهُ بِالِاخْتِيَارِ فَلَا مَعْنًى لِإِثْبَاتِهِ فِيمَا مُلِكَ بِالْقَهْرِ وَالْإِجْبَارِ (وَ) كَذَا (الْإِجَارَةِ) بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا وَلِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ، وَلِأَنَّهَا لِكَوْنِهَا عَلَى مَعْدُومٍ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ عَقْدَ غَرَرٍ وَالْخِيَارُ غَرَرٌ فَلَا يَجْتَمِعَانِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَالسَّلَمِ بِأَنَّهُ يُسَمَّى بَيْعًا بِخِلَافِهَا، وَبِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ غَيْرَ فَائِتٍ مِنْهُ شَيْءٌ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَكَانَ أَقْوَى وَأَدْفَعَ لِلْغَرَرِ مِنْهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْوَارِدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ كَحَقِّ الْمَمَرِّ بِأَنَّهُ لَمَّا عُقِدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أُعْطِيَ حُكْمُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عُقِدَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَا خِيَارَ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْإِجَارَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَأَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهَا قَطْعًا، وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ وَأَقَرَّهُ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ (وَالْمُسَاقَاةِ) كَالْإِجَارَةِ (وَالصَّدَاقِ) لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِيهِ غَيْرُ مَحْضَةٍ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ وَعِوَضُ الْخُلْعِ مِثْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ وَمَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى رَدِّ مُقَابِلِ كُلٍّ مِنْهُمَا.

(وَيَنْقَطِعُ) خِيَارُ الْمَجْلِسِ (بِالتَّخَايُرِ) مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَضَمَانٌ وَوَقْفٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَا مَعْنَى جَوَازُهُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَوَازُ مِنْ جِهَةِ الْمَضْمُونِ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ إسْقَاطَ الضَّمَانِ وَإِبْرَاءَ الضَّامِنِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ رَدَّ الْوَقْفِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى الشَّارِحِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ نَفْيَهُ فِيهِمَا فَرْعٌ عَنْ إمْكَانِهِ وَحَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَهَذَا إنْ أُرِيدَ بِالْجَوَازِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فَإِنْ أُرِيدَ جَوَازُ الْعَقْدِ بِمَعْنَى عَدَمِ لُزُومِهِ فَلَا إيرَادَ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَى الرَّهْنِ وَلَك أَنْ تَجْعَلَهُ عَطْفًا عَلَى الْعَقْدِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى الْجَوَازِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ جَعْلُهُمَا مِنْ جُمْلَةِ الْعَقْدِ الْجَائِزِ، وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُمَا عَلَى عَقْدٍ جَائِزٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَلَا خِيَارَ فِي عِتْقٍ وَلَا طَلَاقٍ وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ إذْ لَا يُحْتَاجُ لَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُحْتَاجُ لَهُ) أَيْ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ الْعَقْدِ الْجَائِزِ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَالْوَقْفَ وَالْأَوْلَى رُجُوعٌ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَقْدِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ الضَّمَانِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْهِبَةُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةً قُدِّرَتْ بِزَمَانٍ أَوْ مَحَلِّ عَمَلٍ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ التَّعْبِيرُ بِالْأَنْوَاعِ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْإِجَارَةَ نَوْعَانِ فَقَطْ وَهُمَا الذِّمَّةُ وَالْعَيْنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا) مُتَأَتٍّ هَذَا التَّعْلِيلُ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِهَا (قَوْلُهُ: وَلِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْمَقْدِرَةِ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ فَبَعْضُ التَّعَالِيلِ عَامٌّ وَبَعْضُهُ خَاصٌّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا إلَخْ) مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي جَرَيَانِهِ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِهَا (قَوْلُهُ: وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي السَّلَمِ فِي الْمَنَافِعِ مَعَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ كَوْنُهُ عَيْنًا لَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: كَحَقِّ الْمَمَرِّ) أَيْ أَوْ إجْرَاءِ الْمَاءِ أَوْ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَى الْجِدَارِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ) وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَعِوَضُ الْخُلْعِ مِثْلُهُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيهِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ فَقَطْ، وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ مُقَابِلُهُ فِي الْخُلْعِ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلزَّوْجِ فَقَطْ، فَإِذَا فُسِخَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَسَقَطَ الْعِوَضُ.

(قَوْلُهُ: وَيَنْقَطِعُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِالتَّخَايُرِ) إلَى أَنْ قَالَ وَبِالتَّفَرُّقِ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَأَفْهَمَ حَصْرُهُ الْقَاطِعُ فِيمَا ذَكَرَ أَنَّ رُكُوبَ الْمُشْتَرِي الدَّابَّةَ الْمَبِيعَةَ لَا يَقْطَعُ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِاخْتِبَارِهَا.
وَالثَّانِي يَنْقَطِعُ لِتَصَرُّفِهِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ الْأُولَى: وَلَا تُسَلَّمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَوَقْفٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ) مَعْطُوفَاتٌ عَلَى عَقْدٍ جَائِزٍ لَا عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ. (قَوْلُهُ: وَلِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ) أَيْ: فِي الْمُقَدَّرَةِ بِزَمَنٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ) أَيْ: عَلَى مَا مَرَّ فِي الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى رَدِّ مُقَابِلِ كُلٍّ مِنْهُمَا)

الصفحة 7