كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 4)

جميعهن وأما في الثانية فقد أوقع الثلاث ابتداء على واحدة فضعف قوله للثانية أنت شريكتها فلذا لم يلزم فيها إلا اثنتان.
تنبيه آخر: قوله مطلقة ثلاثًا قال تت اقتصر في فرض المسألة على الثلاث لأنه لو زاد عليها البتة فقال لإحدى نسائه الثلاث أنت طالق ثلاثًا البتة ثم للأخرى أنت شريكتها ثم للثالثة أنت شريكتهما طلقن البتة ولم ينفعه قوله ثلاثًا لأنها لغو مع البتة قدمت أو أخرت والبتة لا تتبعض قاله أصبغ في نوازله اهـ.
وفهم من قوله لأنها لغو مع البتة أن الحكم كذلك عند حذف ثلاثًا وقوله للثالثة أنت شريكتهما أي بالتثنية ومثله بالإفراد في هذه كما يفيده كلامه وما ذكره من أن البتة لا تتبعض هو المذهب هنا ويستثنى من ذلك ما إذا استثنى منها فإنها تتبعض على المذهب في الاستثناء كما يأتي في قوله أو البتة إلا اثنتين ووجهه أن المستثنى منه لما كان عمومه مرادًا تناولا فقط لا حكمًا كما في الأصول فكأن القائل طالق البتة إلا اثنتين إلا واحدة لم يرد حقيقة البتة من أول الأمر (وأدب المجزىء) للطلاق بتشريك بين زوجتيه فأكثر أو بغيره كطالق ربع طلقة وهو يقتضي تحريمه لإيهامه على الناس أن الطلاق يتجزأ وكذا يؤدب معلقه على القول بمنعه لا على كراهته ففي الشامل وهل تعليقه مكروه أو ممنوع ويؤدب فاعله خلاف اهـ.
(كمطلق جزء) تشبيه في اللزوم والأدب لا تمثيل (وإن كيد) أو رجل وبالغ لدفع توهم أن الجزء المعين ليس كالشائع.
تتمة: وكذا يؤدب من حلف بطلاق أو إعتاق كما في الرسالة وقيدت بمن اعتاده ولا يعارضه ما مر في باب اليمين من حرمة الحلف بغير أسماء الله وصفاته عند الأكثر وقيل يكره إذ مقتضى التحريم تأديبه وإن لم يعتده ومقتضى الكراهة عدم تأديبه وإن اعتاده ويجاب بأنه لما أكثر على الألسن الحلف بهما قيد الأدب بالاعتياد ومنع بهما لأنهما يمينا الفساق كما في الخبر (ولزم بشعرك طالق) حيث قصد المتصل أولًا قصد له لا إن قصد المنفصل فكالبصاق وكالشعر سائر ما هو من محاسنها مما يلتذ به عادة كعقلها وروحها (أو كلامك على الأحسن لا بسعال وبصاق) لأنه اسم لما انفصل عن فمها (ودمع) ونحوه مما لا يلتذ به عادة كعلمها وجنينها وشعر غير رأسها وحاجبيها وما شاب من شعر رأسها وحاجبيها وما غلظ من صوتها فلا يلزم بطلاق شيء مما ذكر طلاق إلا أن يلتذ هو به
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قول ز ووجهه أن المستثنى منه لما كان عمومه مرادًا الخ. لا يحتاج إلى ذكر الفرق بين ما هنا وما يأتي لأن ما هنا مبني على قول أصبغ إن البتة لا تتبعض وما يأتي مبني على قول أشهب وسحنون أنها تتبعض قال ابن رشد وهو الصحيح (لا بسعال أو بصاق أو دمع) اللخمي وتحرم بتحريم الريق لأن ذلك إنما يقع على ما كان في الفم قبل المفارقة وهو مما يلتذ به وهو الرضاب اهـ.

الصفحة 191