كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 4)

أن يشاء الله فينجز فيهما لأن المشيئة لا تنفع في غير اليمين بالله كما قدمه (أو) أنت طالق إن شاءت (الملائكة أو الجن) للجهل بذلك فالعصمة مشكوك فيها فينجز (أو صرف المشيئة) لله أو الملائكة أو الجن فأل للعهد الذكري (إلى معلق عليه) متعلق بصرف لتضمنه معنى حمل أي إذا قال أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله ونوى أن المشيئة راجعة للدخول المعلق عليه فإنه ينجز عليه إن وجد الدخول وإلا لم يقع عليه ونص على المتوهم إذ التنجيز فيما إذا صرفها للمعلق وهو الطلاق أولى لعدم إفادته في غير الله كما قدم وكذا إن لم تكن له نية يصرفها بشيء إذا وجد المعلق عليه فيهما وقول تت سواء أعاد الاستثناء على الطلاق أو على دخول الدار صحيح لكن موضوع المصنف الثاني والأول مفهوم بالأولى كما علمت وسياق المصنف لهذه المسألة هنا يوهم أنه ينجز وإن لم يوجد المعلق عليه مع أنه لا بد منه وقول الشارح ينجز أي إن وجد المعلق عليه (بخلاف إلا أن يبدو لي) أو إلا أن أشاء أو إلا أن أرى خيرًا منه أو إلا أن يغير الله ما في خاطري ونحو ذلك إذا كان ذلك (في المعلق عليه فقط) فلا ينجز عليه بل ولا يلزمه شيء ولا عبرة بإرادته نحو أنت طالق إن دخلت الدار إلا أن يبدو لي وإنما نفعه ذلك لأن معناه أني لم أصمم على جعل دخول الدار سببًا لطلاقك بل الأمر موقوف على إرادتي في المستقبل فإن شئت جعلت دخول الدار سببًا لوقوعه وإن شئت لم أجعله سببًا فلذا نفعه لأن كل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يونس واعترضه ابن رشد بأنه يضاهي قول المعتزلة بحدوث الإرادة والحق كما لابن عرفة وأصله لابن رشد أنه إنما ألزمه مالك الطلاق لأنه معلق على محقق وقوعه لأن قوله إن شاء الله يحتمل أن يكون المعنى إن شاء الله طلاقك وقد شاء الله طلاقها بقوله أنت طالق ويحتمل أن يكون المعنى إن شرع الله الطلاق وقد شرع الله لزومه بقوله أنت طالق والله أعلم.
(أو صرف المشيئة إلى معلق عليه) هذا قول ابن القاسم وذهب ابن الماجشون وأشهب إلى أنه لا طلاق عليه ولو دخلت وقال ابن رشد قول ابن القاسم مبني على مذهب القدرية والمقابل مبني على مذهب أهل السنة لأن قول القائل أنت طالق إن لم أدخل الدار إن شاء الله إذا صرف المشيئة إلى المعلق عليه هو إن امتنعت من الدخول بمشيئة الله فلا شيء علي وكذلك قوله أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله هو إن شاء الله دخولي فلا شيء عليّ وقد علم في السنة أن كل واقع في الوجود بمشيئة الله تعالى فامتناعه إذن من الدخول في الوجه الأول ودخوله في الثاني بمشيئة الله فلا يلزمه طلاق لأن ذلك هو الذي التزمه وأما القول بلزوم الطلاق فمقتضاه أن الدخول وعدمه واقع على خلاف المشيئة وهو محال عند أهل السنة وأجاب ابن عرفة ونصه رد المشيئة للفعل في هذه المسألة يحتمل تفسيره بأن تعلق مشيئة الله بالفعل موجب تعلق الحلف به أو بأن تعلقها به يمنع تعلق الحلف به فابن رشد بناه على الثاني فلزم ما ألزم ولقائل أن يقول مجيبًا عن ابن القاسم بأنه على المعنى الأول وحينئذ ينعكس الأمر في جري ابن القاسم على مذهب أهل السنة وقول غيره على مذهب القدرية والاستثناء في اليمين بالله هو الأصل وهو فيها على المعنى الثاني لا الأول اهـ.

الصفحة 200