كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 4)

تحقيقه فيؤمر بالطلاق (وهل يجبر) مع الأمر بالطلاق إذا أبى وينجز عليه أو يؤمر من غير جبر (تأويلان) واحترز بقوله وهو سالم المخاطر عن الموسوس فإنه لا شيء عليه والمراد به من استنكحه الشك كما هو الظاهر الموافق لما ذكروه في غير موضع كالشك في الحدث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
دخل تلك الدار وشبهه يزيد ثم غاب ذلك الإنسان بحيث يتعذر تحققه هل هو المحلوف على دخوله أم لا ففيه خلاف ثم ذكر خلاف أبي عمران وأبي محمَّد يعني المشار إليه بالتأويلين في كلام المصنف فنقش للمصنف فكتب وفي تنظيره نظر والصواب ما قالاه وهو الموافق لقولها تشبيهًا بالأمر بالفراق من غير قضاء وكذلك إن حلف بطلاق ثم لم يدر أحنث أم لا أمر بالفراق وإن كان ذا وسوسة فلا شيء عليه اهـ.
وقوله لا يلزم من وجود اليمين حصول الشك لا يرد عليهما إذ لم يقولا ذلك وإنما قالا اليمين أصل لاستناد الشك وهو كذلك وقوله لأن من حلف بالطلاق الخ لا يرد أيضًا لأن الذي قال في هذا لا يؤمر بالطلاق وابن رشد ولعلهما لا يقولان ذلك أخذا بعموم قولها ثم لم يدر أحنث أم لا الخ انظر تمامه قلت وفيه نظر والظاهر ما قاله ابن عبد السلام والمصنف وليس في كلام المدونة ما يرد عليهما بل الظاهر أنه يدل لهما لأن من كان شكه لغير سبب أصلًا فالظاهر أنه ذو وسوسة لا غيره كما يوهمه كلام طفى فلا واسطة بين ذي السبب وذي الوسوسة ويبين ذلك تقسيم ابن رشد الآتي فتأمله والله أعلم.
تنبيهان: الأول قال في البيان ما نصه الشك في الطلاق ينقسم على خمسة أقسام منه ما يتفق على أنه لا يؤمر ولا يجبر وذلك مثل أن يحلف الرجل على الرجل أن لا يفعل فعلًا ثم يقول لعله قد فعل من غير سبب يوجب عليه الشك في ذلك ومنه ما يتفق على أنه يؤمر ولا يجبر وذلك مثل أن يحلف أن لا يفعل فعلًا ثم يشك هل حنث أم لا لسبب أدخل عليه الشك ومنه ما يتفق على أنه لا يجبر ويختلف هل يؤمر أم لا وذلك مثل أن يشك الرجل هل طلق امرأته أو لم يطلق أو يشك هل حنث في يمينه فيها فقال ابن القاسم إنه يؤمر ولا يجبر وهو قوله في هذه الرواية وقال أصبغ لا يؤمر ولا يجبر ومنه ما يختلف هل يجبر أو لا يجبر وذلك مثل أن يطلق فلا يدري إن كان طلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا أو يحلف ويحنث ولا يدري إن كان حلف بطلاق أو يمشي أو يقول امرأتي طالق إن كانت فلانة حائضًا فتقول لست بحائض وإن كان فلان يبغضني فيقول أنا أحبك وإن لم يخبرني بالصدق فيخبره ويزعم أنه قد صدقه ولا يدري حقيقة ذلك والخلاف في المسألة الأولى من قول ابن القاسم ومن قول ابن الماجشون وفي الثانية بين ابن القاسم وأصبغ ومنه ما يتفق على أنه يجبر وذلك مثل أن يقول امرأتي طالق إن كان أمس كذا وكذا الشيء يمكن أن يكون وأن لا يكون ولا طريق إلى استعلامه ومثل أن يشك في أي امرأة من امرأتيه طلق فإنه يجبر على فراقهما جميعًا ولا يجوز له أن يقيم على واحدة منهما اهـ.
بلفظه من رسم القطعان من سماع عيسى ولما نقل ابن عرفة كلام ابن رشد هذا قال وللخمي عن ابن حبيب عن ابن القاسم من شك في طلاق امرأته ابتداء يقول لا أدري حلفت فحنثت أم لا أو يحلف بطلاق امرأته لا تخرج ثم يشك هل خرجت أم لا أو لا كلم فلانًا ثم يشك هل كلمه هذا لا يؤمر بالفراق بقضاء ولا فتيًا قلت هذا خلاف نقل ابن رشد عن ابن القاسم اهـ.

الصفحة 218