كتاب التلخيص الحبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

1759- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ، وَلَمْ يَحْضُرْ"، هُوَ كَمَا قَالَ فِي مَاعِزٍ، لَمْ يَقَعْ فِي طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ حَضَرَ، بَلْ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ.
وَأَمَّا الْغَامِدِيَّةُ فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ1.
1760- حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إلَى أَنْ وَصَلْنَا إلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ"، فَمَا أَوْثَقْنَاهُ، وَلَا حَفَرْنَا لَهُ، وَرَمَيْنَاهُ بِالْعِظَامِ وَالْمَدَرِ وَالْخَزَفِ، ثُمَّ اشْتَدَّ، وَاشْتَدَدْنَا إلَيْهِ إلَى عَرْضِ "الْحَرَّةِ"، فَانْتَصَبَ لَنَا، فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ "الْحَرَّةِ" حَتَّى سَكَنَ، مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ2.
1761- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفَرَ لِلْغَامِدِيَّةِ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بريرة بِلَفْظِ: "ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَحُفِرَ لَهَا إلَى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا"3.
تَنْبِيهٌ: ثبوت زناء الْغَامِدِيَّةِ كَانَ بِإِقْرَارِهَا، وَالْأَصْحَابُ يُفَرِّقُونَ، فَيَلْزَمُهُمْ الْجَوَابُ.
قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْفِرْ للجهنية، هو ظَاهِرُ الْحَدِيثِ كَمَا سَلَفَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ؛ لَكِنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِعَدَمِ الذِّكْرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ.
1762- حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ بْنِ حُنَيْفٍ: "أن رجلا مقعدا زنا بِامْرَأَةٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يجلد بإثكال النخل"، يروى: أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَأْخُذُوا مِائَةَ شِمْرَاخٍ، فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً"، الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَأَبِي الزِّنَادِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ4، وَرَوَاهُ البيهقي، وقال: هذا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ أَبْيَاتِنَا رَجُلٌ مُخْدَجٌ ضَعِيفٌ، فَلَمْ يُرَعْ إلَّا وَهُوَ عَلَى أَمَةٍ مِنْ إمَاءِ الدَّارِ يَخْبُثُ بِهَا، فَرَفَعَ شَأْنَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "اجْلِدُوهُ مِائَةَ سوط"، فقال: يا بني اللَّهِ، هُوَ أَضْعَفُ مِنْ ذَاكَ، لَوْ ضَرَبْنَاهُ مِائَةَ سَوْطٍ لَمَاتَ، قَالَ: فَخُذُوا لَهُ عُثْكَالًا فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، فَاضْرِبُوهُ وَاحِدَةً، وَخَلُّوا سَبِيلَهُ"5، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
__________
1 تقدم تخريج حديث ماعز والغامدية بشواهده قريباً في أول هذا الباب.
2 ينظر السابق.
3 ينظر السابق.
4 أخرجه الشافعي في "مسنده" [2/ 79- 80] ، كتاب الحدود: باب في الزنا، حديث [258] ، ومن طريقه البيهقي [8/ 230] ، كتاب الحدود: باب الضرير في خلقته لا من مرض يصيب الحد.
5 أخرجه أحمد [5/ 222] ، وابن ماجة [2/ 859] ، كتاب الحدود: باب الكبير والمريض يجب عليه الحد، حديث [2574] .

الصفحة 165