قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اخْتَلَفَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَالثَّوْرِيُّ؛ فَقَدَّمَ يَحْيَى الزَّوْجَةَ عَلَى الْوَلَدِ، وَقَدَّمَ سُفْيَانُ الْوَلَدَ عَلَى الزَّوْجَةِ، فينبغي أن لا يُقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، بَلْ يَكُونَا سَوَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ ثَلَاثًا، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي إعَادَتِهِ إيَّاهُ قَدَّمَ الْوَلَدَ مَرَّةً، وَمَرَّةً قَدَّمَ الزَّوْجَةَ، فَصَارَا سَوَاءً.
قُلْت: وَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ تَقْدِيمُ الْأَهْلِ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ1، فَيُمْكِنُ أَنْ تُرَجَّحَ بِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.
16 67- حَدِيثٌ: "أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: "أُمَّك، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمَّك، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبَاك" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ2، وَرَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ هُنَا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ3، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ كُلَيْبِ بْنِ مَنْفَعَةَ عَنْ جَدِّهِ
__________
= على الأولاد والأقارب برقم [1679] بتحقيقنا من طريق محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هرية قال: أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصدقة فقال رجل: عندي دينار؟ قال: "أنفقه على نفسك". قال: عندي آخر؟ قال: "انفقه على ولدك"، قال عندي آخر قال: "أنفقه على أهلك". قال: "عندي آخر" قال: "أنفقه على خادمك"، قال عندي آخر. قال: "أنت أعلم به".
1 أخرجه مسلم [4/ 90- نووي] كتاب "الزكاة"، باب: "الابتداء بالنفقة بالنفس ثم أهله" حديث [41/ 997] من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر –رضي الله عنه-، قال: أعتق رجل من بني عذرة عبداً له عن دبر فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "ألك مال غيره"، فقال: لا. فقال: "من يشتريه مني"؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدفعها إليه، ثم قال: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا"، يقول: "فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك".
2 أخرجه أحمد [2/ 327- 328] والبخاري [12/ 4] كتاب "الأدب"، باب: "من أحق الناس بحسن الصحابة"، حديث [5971] ومسلم [8/ 343- نووي] كتاب "البر والصلة والآداب"، باب: بر الوالدين وأنهما أحق به، حديث [41/ 2548] وابن ماجة [2/ 1207] كتاب "الأدب"، باب: "بر الوالدين"، حديث [3658] والبخاري في "الأدب المفرد" [5] في باب بر الأب وابن حبان [2/ 175- 177] كتاب "البر والإحسان"، باب: "حق الوالدين"، حديث [433، 334] والبيهقي [8/ 2] كتاب "النفقات"، باب: "من أحق منهما بحسن الصحبة" والبغوي في شرح السنة [6/ 424- تحقيقنا] كتاب "البر والصلة"، باب: "بر الوالدين"، حديث [3309] ، كلهم من طريق أبي زرعة بن عمر بن جرير عن أبي هريرة.
3 أخرجه أبو داود [4/ 336] كتاب "الأدب"، باب: "بر الوالدين"، حديث [5139] والترمذي [4/ 309] كتاب "البر والصلة"، باب: "ما جاء في بر الوالدين"، حديث [1897] والبخاري في الأدب المفرد [3] في باب: "بر الأم" والبيهقي [8/ 2] كتاب "النفقات"، باب: "من أحق منهما بحسن الصحبة" والحاكم [4/ 150] والبغوي في "شرح السنة" [6/ 425- بتحقيقنا] كتاب "البر والصلة"، باب: "بر الوالدين"، حديث [3310] كلهم من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده =