كتاب التلخيص الحبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)
فَائِدَةٌ: جُمِعَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَالثَّانِي عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ.
أَوْ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى شَاهِدِ الزُّورِ، وَالثَّانِي: عَلَى الشَّاهِدِ عَلَى الشَّيْءِ يُؤَدِّي شَهَادَتَهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ إقَامَتِهَا.
أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَيْمَانِ؛ كَمَنْ يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ كَذَا، وَوَجْهُ كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ نَظِيرُ الْحَلِفِ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا، وَقَدْ كُرِهَ، وَالثَّانِي عَلَى مَا عَدَا ذَلِكَ.
أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأَمْرٍ مُغَيَّبٍ؛ كَمَا يَشْهَدُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ عَلَى مُخَالِفِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ اسْتَعَدَّ لِلْأَدَاءِ وَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ.
أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى مَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا، فَيُكْرَهُ التَّسَرُّعُ إلَى أَدَائِهَا، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا لا يعلم بها.
قوله: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَوْبَةُ الْقَاذِفِ إكْذَابُهُ نَفْسَهُ"، لَمْ أَرَهُ مَرْفُوعًا، وَفِي الْبُخَارِيِّ مُعَلَّقًا عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ: تُبْ نقبل شَهَادَتُك"، وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: "الْأَمْرُ عِنْدَنَا إذَا رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ، وَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ".
حَدِيثُ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْت لَوْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِي بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، هَذَا مِنْ طُغْيَانِ الْقَلَمِ، وَالصَّوَابُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، كَمَا مَضَى فِي كتاب "الصيال".
حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَامِلَ خَيْبَرَ بِبَيْعِ الْجَمْعِ بِالدَّرَاهِمِ ... "، الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ فِي "الرِّبَا".
قَوْلُهُ: وَرَدَ فِي الْخَبَرِ: "زَنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ مَضَى فِي "اللِّعَانِ".
2132- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ"، مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالشَّافِعِيُّ، وَزَادَ فِيهِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: "وَذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ لايرده أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُهُ، مَعَ أَنَّ مَعَهُ غَيْرَهُ مِمَّا يَشُدُّهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
__________
=وابن حبان [5079] ، والبيهقي [10/ 159] ، والطبراني في "الكبير" [5183] ، من حديث زيد بن خالد الجهني.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
الصفحة 491